الصحيح عن النبي عليه السلام انه قال لبلال يا بلال (بم سبقتنى الى الجنة فما وطئت منها موضعا الا سمعت خشخشتك) فقال يا رسول الله ما أحدثت قط إلا توضأت وما توضأت إلا صليت ركعتين فقال عليه السلام (بهما) فعلمنا انها كانت مخصوصة بهذا العمل فما من فريضة ولا نافلة ولا فعل خير ولا ترك محرم ومكروه إلا وله جنة مخصوصة ونعيم خاص يناله من دخلها والتفاضل على مراتب. فمنها بالسن ولكن فى الطاعة والإسلام فيفضل الكبير السن على الصغير السن إذا كانا على مرتبة واحدة من العمل. ومنها بالزمان فان العمل فى رمضان وفى يوم الجمعة وفى ليلة القدر وفى عشر ذى الحجة وفى عاشوراء أعظم من سائر الزمان. ومنها بالمكان فالصلاة فى المسجد الحرام أفضل منها فى مسجد المدينة وهى من الصلاة فى المسجد الأقصى وهى منها فى سائر المساجد. ومنهما بالأحوال فان الصلاة بالجماعة أفضل من صلاة الشخص وحده. ومنها بنفس الأعمال فان الصلاة أفضل من اماطة الأذى ومنها فى العمل الواحد فالمتصدق على رحمه صاحب صلة رحم وصدقة وكذا من اهدى هدية لشريف من اهل البيت أفضل ممن اهدى لغيره او احسن اليه ومن الناس من يجمع فى الزمن الواحد أعمالا كثيرة فيصرف سمعه وبصره ويده فيما يبتغى فى زمان صومه وصدقته بل فى زمان صلاته فى زمان ذكره فى زمان نيته من فعل وترك فيؤجر فى الزمن الواحد من وجوه كثيرة فيفضل غيره ممن ليس له ذلك ومن الجنات جنة اختصاص الهى وهى التي يدخلها الأطفال الذين لم يبلغوا حد العمل وحده من أول ما يولد اى يستهل صارخا الى انقضاء ستة أعوام ويعطى الله من شاء من عباده من جنات الاختصاص ما شاء. ومن أهلها المجانين الذين ما عقلوا. ومن أهلها اهل التوحيد العلمي. ومن أهلها اهل الفترات ومن لم يصل إليهم دعوة رسول ومن الجنات جنة ميراث ينالها كل من دخل الجنة ممن ذكرنا ومن المؤمنين وهى الأماكن التي كانت معينة لاهل النار لو دخلوها وفى الحديث (كل من اهل النار يرى منزله فى الجنة فيقولون لو هدانا الله فيكون عليهم حسرة وكل من اهل الجنة يرى منزله فى النار فيقولون لولا ان الله هدانا) واعلم ان الجنة صورية ومعنوية صورية محسوسة مؤجلة ومعنوية معقولة معجلة وأهلها اهل الفناء فى الله والبقاء بالله: قال الحافظ
جنت نقدست اين جا عشرت وعيش وحضور ... زانكه در جنت خدا بر بنده ننويسد كناه
اللهم شرفنا بالجنان انك أنت المنان وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ سرورا بحالهم وشماتة باصحاب النار وتحسيرا لهم لا لمجرد الاخبار بحالهم والاستخبار عن حال مخاطبهم ووجه تيسر المناداة والمكالمة بين اهل الجنة واهل النار مع ان بعد ما بين الجنة والنار لا يعلم مقداره الا الله تعالى إذ كل درجة من درجات الجنان يقابلها دركة من دركات النيران فأى درجة فيها العامل بسبب عمله يستحق تارك ذلك العمل بسبب تركه إياه دركة من دركاة الجحيم فيكون اهل الدرجة مشرفا على اهل الدركة التي تقابلها كما قال تعالى فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ فامكن لهم تقريع اهل النار وتحسيرهم بقولهم أَنْ تفسيرية للمنادى له لان النداء فى معنى القول او مخففة قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا من الثواب والكرامة حَقًّا بالفارسية [راست