وطمع الدنيا والعجب والغرور ونحو ذلك لا تقدح فى النصر المقضى بالذات. والنصر منصب شريف لا يليق الا بالمؤمن واما الكافر فشأنه الاستدراج وغاية الخذلان وقال بعضهم لم يرد بالنصر هذا النصر المعهود بل الحجة لان الحق انما يتبين من الباطل بالحجة لا بالسيف فاراد بذلك ان الحجة تكون للانبياء على سائر الأمم فى اختلاف الأطوار والاعصار وقال الحسن البصري رحمه الله أراد بالنصرة هذه النصرة بعينها دون الحجة ثم قال ما انتهى الى ان نبيا قتل فى حرب قط يقول الفقير أراد الحسن المأمور بالحرب منصور لا محالة بخلاف غير المأمور وهو التوفيق بين قوله تعالى (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ) ونظائره وبين هذه الآية وأمثالها والحاصل ان المؤمنين المخلصين هم المنصورون والغالبون لان المستند الى غير الله خصوصا الى الحصون والقلاع المبنية من الأحجار هو المنهزم المدمر المغلوب المقهور
تكيه بر غير بود جهل وهوى ... نيست انجام اعتماد سوى
ثم ان جنده تعالى هم مظاهر اسمه العزيز والمنتقم ومظاهر قوله (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ) وفى التأويلات النجمية جنده الذين نصبهم لنشر دينه وأقامهم لنصر الحق وتبيينه فمن أراد إذلالهم فعلى أذقانه يخرّ والجند كما ورد فى الحديث جندان جند الوغى وجند الدعاء فلا بد لجند الوغى من عمل الوغى وشغل الحرب ولجند الدعاء من عمل الدعاء وشغل الأدب فمن وجد فى قلبه الحضور واليقظة فليطمع فى الاجابة ومن وجد الفتور والغفلة فليخف عدم الاصابة
كى دعاى تو مستجاب شود ... كه بيك روى در دو محرابى
وفى الحديث (لانزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناواهم) اى عاداهم (حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال) ولا شك ان الملوك العثمانية خاتمة هذه الطائفة وعيسى والمهدى عليهما السلام خاتمة الخاتمة والصيحة الواحدة الآخذة كل من بقي على الأرض عند قيام الساعة من الكفرة الفجرة خاتمة خاتمة الخاتمة فَتَوَلَّ عَنْهُمْ اى إذا علمت ان النصرة والغلبة لك ولاتباعك فاعرض عن كفار مكة واصبر على اذاهم حَتَّى حِينٍ اى مدة يسيرة وهى مدة الكف عن القتال فالآية محكمة لا منسوخة بآية القتال وَأَبْصِرْهُمْ على أسوأ حال وأفظع نكال حل بهم من القتل والاسر والمراد بالأمر بأبصارهم الإيذان بغاية قربه كأنه بين يديه يبصره فى الوقت والا فمتعلق الابصار لم يكن حاضرا عند الأمر فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ما يقع حينئذ من الأمور وفى التأويلات وابصر أحوالهم فسوف يبصرون جزاء ما عملوا من الخير والشر انتهى. وسوف للوعيد ليتوبوا ويؤمنوا دون التبعيد لان تبعيد الشيء المحذر منه كالمنافى لارادة التخويف به ولما نزل (فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) قالوا استعجالا واستهزاء لفرط جهلهم متى هذا فنزل قوله تعالى أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ اى أبعد هذا التكرير من الوعيد يستعجلون بعذابنا والهمزة للانكار والتعجب يعنى تعجبوا من هذا الأمر المستنكر: وبالفارسية [آيا بعذاب ما شتاب ميكنند ووقت نزول آن مى پرسند] وفى التوراة «أبى يغترون أم علىّ يجترئون» : يعنى [بمهلت دادن وفرا كذشتن من فريفته شوند يا بر من ديرى كنند ونمى ترسند] فَإِذا نَزَلَ العذاب الموعود بِساحَتِهِمْ