للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أم يكفر وهو خبر للمبتدأ الذي هو الإنسان والفاء لما فى اما من معنى الشرط والظرف المتوسط على نية التأخير كأنه قيل فاما الإنسان فيقول ربى أكرمني وقت ابتلائه بالانعام وانما تقديمه للايذان من أول الأمر بان الإكرام والتنعيم بطريق الابتلاء ليتضح اختلال قوله المحكي فاذا لمجرد الظرفية وان هذه الفاء لا تمنع ان يعمل ما بعدها فيما قبلها وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ اى واما هو إذا ما ابتلاه ربه فيكون الواقع بعد اما فى الفقرتين اسما فتكون الجملتان متعادلتين فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ پس تنك سازد برو روزئ او را يعنى ضيقه حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة وجعله على قدر كفايته وقوت يومه فَيَقُولُ متضجرا رَبِّي أَهانَنِ أذلني بالفقر ولا يخطر بباله ان ذلك لببلوه أيصبر أم يجزع مع انه ليس من الاهانة فى شىء ولذا لم يقل فأهانه فقدر عليه رزقه فى مقابلة أكرمه ونعمه بل التقتير قد يؤدى الى كرامة الدارين فى حق الفقير الصابر أما تأديته الى كرامة الآخرة فامر ظاهر واما تأديته الى كرامة الدنيا فلانه قد يسلم به من طمع الأعداء فيحسن فيه اعتقاد الكبراء من أهل الدنيا فيراجعونه ويلتمسون منه الدعاء والتوسعة قد تفضى الى خسران الدارين بالكفران فيكون استدراجا

اى دل اگر بديده تحقيقي بنگرى ... درويشى اختيار كنى بر توانكرى

قال بعضهم ربما كان التضييق إكراما له بان لا يشغله بالنعمة عن المنعم ويجعل ذلك وسيلة له فى التوجه الى الحق والسلوك فى طريقه لعدم التعلق وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال لقد رأيت سبعين من أصحاب الصفة ما منهم رجل عليه ردآء اما إزار واما كساء قد ربطوه فى أعناقهم فمنها ما يبلغ نصف الساقين ومنها ما يبلغ نصف الكعبين فيجمعه بيده كراهة ان ترى عورته فتأمل هل تكون هذه اهانة لخواص عباد الله فالمؤمن اما فى مقام الشكر او فى مقام الصبر قال عليه الصلاة والسلام الايمان نصفان نصف صبر ونصف شكر

صوفئ از فقر چون در غم شود ... عين فقرش دابه ومطعم شود

زانكه جنت از مكاره رسته است ... رحم قسم عاجزا شكسته است

آنكه سرها بشكند او از علو ... رحم حق وخلق نايد سوى او

كما قال بعض الكبار فى قوله فيقول ربى أهانن اى تركنى ذليلا مهينا لم يعرف المحجوب المسكين ان ربه ناظر اليه بنظر الرحمة والشفقة إذ جذبه بالجذبة الرحمانية من العالم الطبيعي الى العالم الروحاني ومن عالم النفس الى عالم القلب ومن عالم الفرق الى عالم الجمع ومن عالم الفراق الى عالم الوصال كَلَّا ردع للانسان عن مقالته المحكية وتكذيب له فيها فى كلما الحالتين قال ابن عباس رضى الله عنهما المعنى لم ابتله بالغنى لكرامته على ولم ابتله بالفقر لهوانه على بل ذلك لمحض القضاء والقدر بلا تعليل بالعلل بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ انتقال من بيان سوء أقواله الى بيان سوء أفعاله والتفات الى الخطاب للايذان باقتضاء ملاحظة جنايته السابقة لمشافهته بالتوبيخ تشديدا للتقريع وتأكيدا للتشنيع والجمع باعتبار

<<  <  ج: ص:  >  >>