والخيرات الباقية فربحوا بزيادة النور الكمال على النور الاستعدادي الذي هو رأس مالهم فانهم فى تجارة لن تبور حيث باعوا الفاني الخسيس واشتروا الباقي النفيس واستبدلوا الباقيات الصالحات بالغاديات الرائحات فيالها من صفقة ما اربحها وهذا بيان لتكميلهم لانفسهم واستدل بعض الطوائف بالآية على أن مرتكب الكبيرة مخلد لأنه لم يستثن من الخسران الا الذين آمنوا إلخ والتفصى منه ان غير المستثنى فى خسر لا محالة اما بالخلود ان مات كافرا واما بالدخول فى النار ان مات عاصيا لم يغفر له واما بفوات الدرجات العالية ان غفر وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ إلخ بيان لتكميلهم لغيرهم اى وصى بعضهم بعضا بالأمر الثابت الذي لا سبيل الى إنكاره ولا زوال فى الدارين لمحاسن آثاره وهو الخير كله من الايمان بالله واتباع كتبه ورسله فى كل عقد وعمل وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ اى عن المعاصي التي تشتاق إليها النفس بحكم الجبلة البشرية وعلى الطاعات التي يشق عليها أداؤها وعلى ما يبلو
الله به عباده وتخصيص هذا التواصي بالذكر مع اندراجه تحت التواصي بالحق لابراز كمال الاعتناء به أو لأن الاول عبارة عن رتبة العبادة التي هى فعل ما يرضى به الله تعالى والثاني عن رتبة العبودية التي هى الرضى بما فعل الله فان المراد بالصبر ليس مجرد حبس النفس عما تشوق اليه من فعل او ترك بل هو تلقى ما ورد منه تعالى بالجميل والرضى به ظاهرا وباطنا ولعله سبحانه انما ذكر سبب الربح دون الخسران اكتفاء ببيان المقصود فان المقصود بيان ما فيه الفوز بالحياة الابدية والسعادة السرمدية واشعارا بان ماعدا ماعد يؤدى الى خسر ونقص حظ او تكرما فان الإبهام فى جانب الخسر كرم لأنه ترك تعداد مثالهم والاعراض عن مواجهتهم به وروى عنه عليه السلام أنه قال اقسم ربكم بآخر النهار أن أبا جهل لفى خسر الا الذين آمنوا اى أبا بكر رضى الله عنه وعملوا الصالحات اى عمر رضى الله عنه وتواصوا بالحق اى عثمان رضى الله عنه وتواصوا بالصبر اى عليا رضى الله عنه فسرها بذلك على بن عبد الله بن عباس رضى الله عنهم على المنبر فيكون تكرير وتواصوا لاختلاف الفاعلين واما على الاول فلاختلاف المفعولين وهما قوله بالحق وبالصبر روى عن الشافعي رحمه الله أنها سورة لو لم ينزل الى الناس الاهى لكفتهم وهو معنى قول غيره انها شملت جميع علوم القرءان تمت سورة العصر فى خامس جمادى الاولى من سنة سبع عشرة ومائة وألف
[تفسير سورة الهمزة]
تسع آيات مكية بسم الله الرحمن الرحيم
وَيْلٌ بالفارسية بمعنى واى. وهو مبتدأ وساغ الابتداء به مع كونه نكرة لأنه دعاء عليهم بالهلكة او بشدة الشر خبره قوله لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الهمز الكسر واللمز الطعن شاعا فى الكسر من اعراض الناس والطعن فيهم وفى القاموس الهامز والهمزة الغماز واللمزة العياب للناس او الذي يعيبك فى وجهك والهمزة من يعيبك فى الغيب انتهى وبناء فعلة يدل على الاعتياد فلا يقال ضحكة ولعنة الا للمكثير المتعود وفى ادب الكاتب لابن