أخذهم بالبأساء والضراء كرارا ثم كشفه عنهم فلم يزيدوا الا اصرارا جعلنا الله وإياكم من المستمعين المعتبرين لا من المعرضين الغافلين إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من قصة ابراهيم مع قومه لَآيَةً لعبرة لمن يعبد غير الله تعالى ليعلم انه يتبرأ منه فى الآخرة ولا ينفعه أحد ولا سيما لاهل مكة الذين يدعون انهم على ملة ابراهيم وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ اكثر قوم ابراهيم مُؤْمِنِينَ كحال اكثر قريش. وقد روى انه ما آمن لابراهيم من اهل بابل الا لوط وابنة نمرود وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ [اوست غلبه كننده بر مشركان كه سطوت او مردود نكردد] الرَّحِيمُ [وبخشاينده كه توبه بندگان رد نكند وبى احتجاج بديشان عذاب نفرستد] ويمهل كما أمهل قريشا بحكم رحمة الواسعة لكى يؤمنوا هم او واحد من ذريتهم ولكنه لا يهمل فانه لا بد لكل عامل من المكافأة على عمله ان خيرا فخير وان شرا فشر هذا وقد جوز ان يعود ضمير أكثرهم الى قوم نبينا عليه السلام الذين يتلى عليهم الآية ليعتبروا ويؤمنوا وقد بين فى المجلس السابق فارجع وفى البحر النفس جبلت على الامارية بالسوء وهو الكفر ولئن آمنت وصارت مأمورة فهو خرق عادتها يدل على هذا قوله تعالى (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي) يعنى برحمة الحق تعالى تصير مأمورة مؤمنة على خلاف طبعها ولهذا قال (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) يعنى اصحاب النفوس (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ) ما هدى اكثر الخلق الى الايمان فضلا عن الحضرة (الرَّحِيمُ) فلرحمته هدى الذين جاهدوا فيه الى سبيل الرشاد بل هدى الطالبين الصادقين الى حضرة جلاله انتهى. فالهداية وان كانت من العناية لكن لا بد من التمسك بالأسباب الى ان تفتح الأبواب وملامة النفس عند مخالفتها الأوامر والآداب مما ينفع فى هذا اليوم دون يوم القيامة ألا ترى ان الكفار لاموا أنفسهم على ترك الايمان وتمنوا ان لو كان لهم رجوع الى الدنيا لقبلوا الايمان والتكليف فما نفعهم ذلك
امروز قدر پند عزيزان شناختيم ... يا رب روان ناصح ما از تو شاد باد
عصمنا الله وإياكم من سطوته وغشينا برحمته وجعلنا من اهل القبور فى الدنيا والآخرة انه الموفق لخير الأمور الباطنة والظاهرة كَذَّبَتْ تكذيبا مستمرا من حين الدعوة الى انتهائها قَوْمُ نُوحٍ القوم الجماعة من الرجال والنساء معا او الرجال خاصة وتدخل النساء على التبعية ويؤنث بدليل مجيىء تصغيره على قويمة الْمُرْسَلِينَ اى نوحا وحده والجمع باعتبار ان من كذب رسولا واحدا فقد كذب الجميع لاجتماع الكل على التوحيد واصول الشرائع او لان كل رسول يأمر بتصديق جميع الرسل إِذْ قالَ لَهُمْ ظرف للتكذيب على انه عبارة عن زمان مديد وقع فيه ما وقع من الجانبين الى تمام الأمر أَخُوهُمْ فى النسب لئلا يجهل امره فى الصدق والديانة ولتعرف لغته فيؤدى ذلك الى القبول نُوحٌ عطف بيان لاخوهم أَلا تَتَّقُونَ الله حيث تعبدون غيره: وبالفارسية [آيا نمى ترسيد از خداى تعالى كه ترك عبادت او ميكنيد] إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ من جهته تعالى أَمِينٌ مشهور بالامانة فيما بينكم ومن كان أمينا على امور الدنيا كان أمينا على الوحى والرسالة