قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ اى الأرباب المنتقلين من مكان الى مكان المتغيرين من حال الى حال المحتجبين بالأستار فانهم بمعزل عن استحقاق الربوبية قطعا فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً اى مبتدئا فى الطلوع اثر غروب الكوكب قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ كما أفل النجم قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي الى جنابه لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ تعريض لقومه بانهم على ضلال ولعله عليه السلام كان إذ ذاك فى موضع كان من جانبه الغربي جبل شامخ يستتر به الكواكب والقمر وقت الظهر من النهار او بعده بقليل وكان الكواكب قريبا منه وافقه الشرقي مكشوف والا فطلوع القمر بعد أفول الكوكب ثم أفوله قبل طلوع الشمس مما لا يكاد يتصور فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً اى مبتدئة فى الطلوع قالَ هذا الجرم المشاهد رَبِّي هذا أَكْبَرُ من الكوكب والقمر وهو تأكيد لما رامه من اظهار النصفة بقوله لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا أَفَلَتْ كما أفل الكوكب والقمر وقويت عليهم الحجة ولم يرجعوا قالَ مخاطبا للكل صادعا بالحق بين أظهرهم يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ بالله تعالى من الأصنام والاجرام المحتاجة الى محدث فقالوا له ما تعبد قال إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ اى أخلصت دينى وعبادتى وجعلت قصدى لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ اى لله الذي خلقهما حَنِيفاً اى مائلا عن الأديان الباطلة كلها الى الدين الحق ميلا لا رجوع فيه وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ به تعالى فى شىء من الافعال والأقوال وهذه حال من كملت صقالة مرآة قلبه عن طبع الطبع وتنزهت عن ظلمة هوى النفس وشهواتها فانه لا يلتفت الى الاجرام والأكوان بل الى اليمين والشمال لان شوق الخلة الى الحضرة نصبه فى محاذاة ذاته المقدسة عن الجهة: قال فى المثنوى
آفتاب از امر حق طباخ ماست ... ابلهى باشد كه كوئيم او خداست
آفتاب كر بگيرد چون كنى ... آن سياهى زو تو چون بيرون كنى
نى بدرگاه خدا آرى صداع ... كه سياهى را ببر داده شعاع
كر كشندت نيم شب خورشيد كو ... تا بنالى يا أمان خواهى ازو
حادثات اغلب بشب واقع شود ... وان زمان معبود تو غائب شود
سوى حق گر راستانه خم شوى ... وارهى از اختران محرم شوى
وَحاجَّهُ قَوْمُهُ اى جادلوه فى دينه وهددوه بالأصنام ان تصيبه بسوء ان تركها قالَ أَتُحاجُّونِّي بنون ثقيلة أصله أتحاجونني بنونين اولاهما نون الرفع والثانية نون الوقاية فاستثقل اجتماعهما فادغم الاولى فى الثانية اى أتجادلونني فِي اللَّهِ اى فى شأنه تعالى ووحدانيته وَقَدْ هَدانِ اى والحال ان الله تعالى هدانى الى الحق وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ اى ما تشركون به تعالى من الأصنام ان يصيبنى بسوء لعدم قدرتها على شىء إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً استثناء متصل والمستثنى منه وقت محذوف والتقدير لا أخاف معبوداتكم فى وقت من الأوقات الا وقت مشيئته تعالى شيأ من إصابة مكروه بي من جهتها وذلك انما يكون من جهته تعالى من غير دخل لآلهتكم فيه أصلا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً كأنه تعليل