فى العشر الذي زيد على الثلاثين ورسولنا صلى الله عليه وسلم قال الله خليفتى على أمتي فثبتهم الله على الحق واعلم ان ذا القعدة وذا الحجة من الأشهر الحرم ويكفى شرفا لهما ان الله تعالى امر موسى بصومهما وجعلهما محل قبول الحاجات وميقات المناجاة وفى الحديث (صيام يوم من الأشهر الحرم يعدل شهرا وصيام يوم من غير الأشهر الحرم يعدل عشرا) وفى الحديث (من صام من شهر حرام الخميس والجمعة والسبت كتب الله له عبادة تسعمائة سنة) وقال كعب الأحبار اختار الله الزمان فاحبه اليه الأشهر الحرم وذو القعدة من الأشهر الحرم وبغير خلاف وسمى ذا القعدة لقعودهم فيه عن القتال احتراما له فعلى السالك ان يتهيأ فيه لمناجاة ربه بالصوم الظاهري والإمساك الباطني فان موسى روحه متشوف لنوال الوصال ومتطلب لرؤية الجمال والاشارة فى الآية ان الميعاد فى الحقيقة كان أربعين ليلة وانما اظهر الوعد ثلاثين ليلة لضعف البشرية ولئلا تستكثر النفس الأربعين وتسوّل له ان لا يقوى على ذلك فيداخله خوف البشرية فواعده ثلاثين ليلة ثم أتمها بالعشر وفيه ان للاربعين خصوصية فى استحقاق استماع الكلام للانبياء كما ان لها اختصاصا فى ظهور ينابيع الحكمة من قلوب الأولياء كقوله عليه السلام (من أخلص لله أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) قال اهل العرفان ان سر التربيع جار فى الحقائق الكلية كتربيع العرش الأعظم والعناصر الاربعة والأركان الاربعة والأربعين الموسوية وكان بين خلق آدم ونفخ روحه اربع جمع من جمع الآخرة فاكمل الاشكال تأثيرا صورة التربيع فى الآحاد والأعشار والمآت والألوف كما أشار صلى الله عليه وسلم بقوله (خير الاصحاب اربعة وخير السرايا اربعمائة) وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا اى لوقتنا الذي وقتناه وعيناه وحددناه له وهو تمام الأربعين اى اختص مجيئه بميقاتنا كما فى قولك أتيته لعشر خلون من الشهر فاللام للاختصاص وليست بمعنى عند والميقات بمعنى الوقت وقد سبق الفرق بينهما فى المجلس المتقدم ان قيل لم وعده الله بالكلام فى الجبل وفوق العلى وتحت الثرى واحد عند حضرته وهو منزه عن الجهات قيل ان فى الجبل وصف الثبات والعلو والتفرد لان الأرض ما استقرت بغير الجبال فاثبتها الحق بها واوتدها حكمة منه وعرض الامانة عليها لا تصافها بصفة التثبت والتمكن والتفرد والتعلى ولذلك فضل الجبال فى الامكنة وشرفها بمشهد الكلام وتعلق تجلى الجمال وعرض الامانة عليها وشرح الصدر المحمدي فيها ومناجاة موسى عليها فبدا من ذلك ان فى المقامات فاضلا ومفضولا قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى البروسوى خير الجماعة جماعة الأرواح وجماعتهم فى الجبال والمواضع الخالية وعلامة مجمعهم انه لا يذهب خضرة ذلك الموضع ونظارته فى الصيف والشتاء قال ونحن انما جئنا الى هذا المكان فى هذا الجبل بناء على مجيئهم يقول الفقير عنى به موضع زاويته المنيفة فى مدينة بروسة فى سفح الجبل المعروف هناك وقد زرته وزرت مرقده العالي فى داخل القلعة قدس الله سره وقال وهب جاء الى طور سيناء ومعه جبريل فتطهر وطهر ثوبه وانزل الله الظلمة على سبعة فراسخ وطرد عنه الشيطان وطرد عنه هوام الأرض ونحى عنه الملكين وكشط له السماء فرأى