للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسمائهم ألحقوها بها وسموها الروادف وهى الثاء والخاء والذال والضاد والظاء والغين على حسب ما يلحق حروف الجمل هذا تلخيص ما قيل فى ذلك وقيل غيره انتهى ذلِكَ الذي فصلت نعوته الجليلة عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لا ما يصفه النصارى وهو تكذيب لهم فيما يصفونه على الوجه الأبلغ والطريق البرهاني حيث جعله موصوفا باضداد ما يصفونه ثم عكس على الحكم قَوْلَ الْحَقِّ قول الثابت والصدق وهو بالنصب على انه مصدر مؤكد لقال انى عبد الله إلخ وقوله ذلك عيسى ابن مريم اعتراض الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ اى يشكون فان المرية الشك فيقولون هو ابن الله ما كانَ لِلَّهِ ما صح وما استقام له تعالى أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ اى ولدا وجاء بمن لتأكيد النفي العام وفى التأويلات النجمية اى جزأ فان الولد جزؤ الوالد كما قال عليه السلام (فاطمة بضعة منى سُبْحانَهُ اى تنزه وتعالى تنزيها عن بهتان النصارى لانه ليس للقديم جنس إذ لا جنس له ولذلك قالوا لا فضل له إِذا قَضى أَمْراً اى أراد كونه فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ قال لعيسى كن فكان من غيراب والقول هاهنا مجاز عن سرعة الإيجاد. والمعنى انه تعالى إذا أراد تكوين الأشياء لم تمتنع عليه ووجدت كما أرادها على الفور من غير تأخير فى ذلك كالمأمور المطيع الذي إذا ورد عليه امر الآمر المطاع كان المأمور به مفعولا لا حبس ولا إبطاء وهو المجاز الذي يسمى التمثيل وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ من تمام كلام عيسى عطف على قوله (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ) داخل تحت القول هذا الذي ذكرته من التوحيد صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ لا يضل سالكه فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ جمع حزب بمعنى الجماعة مِنْ بَيْنِهِمْ اى من بين الناس المخاطبين بقوله (رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) وهم القوم المبعوث إليهم فقالت النسطورية هو ابن الله واليعقوبية هو الله هبط الى الأرض ثم صعد الى السماء وقالت الملكانية هو عبد الله ونبيه وفى التأويلات النجمية اى تحزبوا ثلاث فرق فرقة يعبدون الله بالسير على قدمى الشريعة والطريقة بالعبور على المقامات والوصول الى القربات وهم الأولياء والصديقون وهم اهل الله خاصة وفرقة يعبدون الله على صورة الشريعة وأعمالها وهم المؤمنون المسلمون وهم اهل الجنة وفرقة يعبدون الهوى على وفق الطبيعة ويزعمون انهم يعبدون الله كما ان الكفار يعبدون الأصنام ويقولون ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى فهؤلاء ينكرون على اهل الحق وهم اهل البدع والأهواء والسمعة والنفاق وهم اهل النار فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وهم المختلفون. والويل الهلاك وهو نكرة وقعت مبتدأ وخبره ما بعده ونظيره سلام عليك فان أصله منصوب نائب مناب فعله لكنه عدل به الى الرفع على الابتداء للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ اى من شهود يوم عظيم الهول والحساب والجزاء وهو يوم القيامة أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ [چهـ شنو باشد كافران و چهـ بينا] وهو تعجب من حدة سمعهم وأبصارهم يومئذ ومعناه ان استماعهم وأبصارهم للهدى يَوْمَ يَأْتُونَنا للحساب والجزاء يوم القيامة جدير بان يتعجب منه بعد ان كانوا فى الدنيا صما وعميا والتعجب استعظام الشيء مع الجهل بسببه ثم استعمل لمجرد الاستعظام لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ اى فى الدنيا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ فى خطأ ظاهر

<<  <  ج: ص:  >  >>