للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن والوحى وَكَذَّبْتُمْ بِهِ جملة مستأنفة سيقت للاخبار بذلك والضمير المجرور للتنبيه والتذكير باعتبار البيان والبرهان والمعنى انى على بينة عظيمة كائنة من ربى وكذبتم بها وبما فيها من الاخبار التي من جملتها الوعيد بمجىء العذاب ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ- روى- ان رؤساء قريش كانوا يستعجلون العذاب بقولهم مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بطريق الاستهزاء او بطريق الإلزام حتى قام النضر بن الحارث فى الحطيم وقال اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ والمعنى ليس ما تستعجلون به من العذاب الموعود فى القرآن وتجعلون تأخره ذريعة لتكذيبى فى حكمى وقدرتى حتى أجيء به واظهر لكم صدقه اى ليس امره بمفوض الى إِنِ الْحُكْمُ اى ما الحكم فى ذلك وغيره تعجيلا وتأخيرا إِلَّا لِلَّهِ وحده من غير ان يكون لى دخل ما فيه بوجه من الوجوه يَقُصُّ الْحَقَّ اى يقول الحق ويتبعه فى بيان جميع أحكامه ولا يحكم الا بما هو حق فتأخير العذاب حق ثابت جار على حكمة بليغة واصل الحكم المنع فكأنه يمنع الباطل عن معارضة الحق او الخصم عن التعدي على صاحبه وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبله مشير الى ان قص الحق هاهنا بطريق خاص هو الفصل بين الحق والباطل قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي اى فى قدرتى ومكنتى ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ من العذاب الذي ورد به الوعيد بان يكون امره مفوصا الى من جهته عز وجل لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ اى بان ينزل ذلك عليكم اثر استعجالكم بقولكم متى هذا الوعد ونظائره. وفى بناء الفعل للمفعول من الإيذان بتعين الفاعل الذي هو الله سبحانه وتهويل الأمر ومراعاة حسن الأدب ما لا يخفى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ اى بحالهم وبانهم مستحقون للامهال بطريق الاستدراج لتشديد العذاب ولذلك لم يفوض الأمر الىّ فلم يقض الأمر بتعجيل العذاب فعابد الأصنام سواء أمهل او لا يذوق العذاب ولا يتخلص منه أصلا وكذا عابد الدنيا والنفس والشيطان والهوى فان ذلك فى نار الجحيم وهذا فى نار الفراق العظيم فعلى العاقل ان لا يتبع الهوى كما امر الله تعالى فقال قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ قال بعضهم جزت مرة ببلاد السواد فرأيت شيخا جالسا فى الهواء فسلمت عليه فرد السلام على فقلت له بم جلست فى الهواء قال خالفت الهوى فاسكنت فى الهواء وجاء جماعة من فقهاء اليمن الى الشيخ الكبير ابى الغيث قدس سره يمتحنونه فى شىء فلما دنوا منه قال مرحبا بعبيد عبدى فاستعظموا ذلك فلحقوا شيخ الطرفين وامام الفريقين العالم العارف أبا الذبيح إسماعيل بن محمد الحضري فأخبروه بما قال الشيخ ابو الغيث لهم فضحك الشيخ وقال صدق الشيخ أنتم عبيد الهوى والهوى عبده وانما يتخلص المرء من الهوى بالتقوى: وفى المثنوى

چونكه تقوى بست دو دست هوا ... حق كشايد هر دو دست عقل را

پس حواس پيره محكوم تو شد ... چون خرد سالار ومخدوم تو شد

واعلم ان الهوى من أوصاف النفس فالآيات متعلقة بإصلاح النفس ومن كان على بينة من ربه وهى فى الحقيقة النور الذي ينشرح به الصدر يكون على الهدى لاعلى الهوى وله علامات

<<  <  ج: ص:  >  >>