ولا يثنى اما الذي لا يتجزى فكالجواهر الواحد الذي لا ينقسم فيقال انه واحد بمعنى انه لا جزء له وكذا النقطة لا جزء لها والله تعالى واحد بمعنى انه يستحيل تقدير الانقسام على ذاته واما الذي لا يثنى فهو الذي لا نظير له كالشمس مثلا فانها وان كانت قابلة للقسمة بالوهم متجزئة فى ذاتها لانها من قبيل الأجسام فهى لا نظير لها الا انه يمكن لها نظير فما فى الوجود موجود ينفرد بخصوص وجود الا ويتصور ان يشاركه فيه غيره الا الله تعالى فانه الواحد المطلق ازلا وابدا فالعبد انما يكون واحدا إذا لم يكن فى أبناء جنسه نظير له فى خصلة من خصال الخير وذلك بالاضافة الى أبناء جنسه وبالاضافة الى الوقت إذ يمكن ان يظهر فى وقت آخر مثله وبالاضافة الى بعض الخصال دون الجميع فلا وحدة على الإطلاق الا لله تعالى انتهى. ولا يوحده تعالى حق توحيده الا هو إذ كل شىء وحده اى اثبت وجوده وفعله بتوحيده فقد جحده بإثبات وجود نفسه وفعله واليه الاشارة بقول الشيخ ابى عبد الله الأنصاري قدس سره تعالى
ما وحد الواحد من واحد ... إذ كل من ينعته جاحد
فاذا أفنى الوجود المجازى صح التوحيد الحقيقي الذاتي وكل شىء من الأشياء عين مرآة توحيده كما قالوا
ففى كل شىء له آية ... تدل على انه واحد
وذلك لان كل شىء واحد بهويته او بانتهائه الى الجزء الذي لا يتجزى او بغير ذلك
تا دم وحدت زدى حافظ شوريده حال ... خامه توحيد كش بر ورق اين وآن
قال الشيخ الزروقى فى شرح الأسماء من عرف انه الواحد أفرد قلبه له فكان واحدا به وقد فسر قوله عليه السلام (ان الله وتر يحب الوتر) يعنى القلب المنفرد له وخاصة هذا الاسم الواحد إخراج الكون من القلب فمن قرأه الف مرة خرج الخلائق من قلبه فكفى خوف الخلق وهو اصل كل بلاء فى الدنيا والآخرة وسمع عليه السلام رجلا يقول فى دعائه اللهم انى اسألك باسمك الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال (سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به اعطى) وفى الأربعين الادريسية يا واحد الباقي أول كل شىء وآخره قال السهروردي يذكره من توالت عليه الافكار الرديئة فتذهب عنه وان قرأه الخائف من السلطان بعد صلاة الظهر خمسمائة مرة فانه يأمن ويفرج همه ويصادقه اعداؤه رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما خبر ثان لان اى مالك السموات والأرض وما بينهما من الموجودات ومربيها ومبلغها الى كمالاتها وَرَبُّ الْمَشارِقِ اى مشارق الشمس وهى ثلاثمائة وستون مشرقا تشرق كل يوم من مشرق منها وبحسبها تختلف المغارب ولذلك اكتفى بذكرها يعنى إذا كانت المشارق بهذا العدد تكون المغارب ايضا بهذا العدد فتغرب فى كل يوم من مغرب منها واما قوله تعالى (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) فهما مشرقا الصيف والشتاء ومغرباهما وقوله رب المشرق والمغرب أراد به الجهة فالمشرق جهة والمغرب جهة وإعادة الرب فى المشارق لغاية ظهور آثار الربوبية فيها وتجددها كل يوم كما ذكر آنفا. تلخيصه هو رب جميع الموجودات وربوبيته لذاته لا لنفع يعود اليه بخلاف