رجائى او اعلم من الله بنوع من الإلهام ما لا تعلمون من حياة يوسف- وروى- انه رأى ملك الموت فى منامه فسأله عنه فقال هو حى وقيل علم من رؤيا يوسف انه لا يموت حتى يخروا له سجدا- وروى- ان يوسف قال لجبريل ايها الروح الامين هل لك علم بيعقوب قال نعم وهب الله له الصبر الجميل وابتلاه بالحزن عليك فهو كظيم قال فما قدر حزنه قال حزن سبعين ثكلى قال فما له من الاجر قال اجر مائة شهيد وما ساء ظنه بالله ساعة قط وقال السدى لما أخبره ولده بسيرة الملك احست نفسه فطمع وقال لعله يوسف فقال يا بَنِيَّ اذْهَبُوا الى مصر فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ اى تعرفوا من خبرهما بحواسكم فان التحسس طلب الشيء بالحاسة قال فى تهذيب المصادر [التحسس مثل التجسس: آگاهى جستن] وفى الاحياء بالجيم فى تطلع الاخبار وبالحاء فى المراقبة بالعين وقال فى انسان العيون ما بالحاء ان يفحص الشخص عن الاخبار بنفسه وما بالجيم ان يفحص عنها بغيره وجاء تحسسوا ولا تجسسوا انتهى والمراد بأخيه بنيامين ولم يذكر الثالث وهو الذي قال فلن أبرح الأرض واحتبس بمصر لان غيبته اختيارية لا يعسر إزالتها قال ابن الشيخ فان قلت كيف خاطبهم بهذا اللطف وقد تولى عنهم فالجواب ان التولي التجاء الى الله والشكاية اليه والاعراض عن الشكاية الى أحد منهم ومن غيرهم لا ينافى الملاطفة والمكالمة معهم فى امر آخر انتهى قالوا له البنيامين فلا نترك الجهد فى امره واما يوسف فانه ميت وانا لا نطلب الأموات فانه أكله الذئب منذ زمان فقال لهم يعقوب وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ لا تقنطوا من فرجه وتنفيسه واليأس والقنوط انقطاع الرجاء وعن الأصمعي ان الروح ما يجد الإنسان من نسيم الهواء فيسكن اليه وتركيب الراء والواو والحاء يفيد الحركة والاهتزاز فكل ما يلتذ الإنسان ويهتز بوجوده فهو روح قال فى الكواشي أصله استراحة القلب من غمه. والمعنى لا تقنطوا من راحة تأتيكم من الله انتهى وقرئ من روح الله بالضم اى من رحمته التي يحيى بها العباد إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ لعدم علمهم بالله وصفاته فان العارف لا يقنط فى حال من الأحوال اى فى الضراء والسراء ويلاحظ قوله تعالى إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً فصنع الله عجيب وفرج الله قريب وفى الحديث (الفاجر الراجي اقرب الى الله من العابد القانط) - وروى- ان رجلا مات فاوحى الله تعالى الى موسى عليه السلام مات ولى من أوليائي فاغسله فجاء موسى عليه السلام فوجده قد طرحه الناس فى المزابل لفسقه فقال موسى يا رب أنت تسمع مقالة الناس فى حقه فقال الله تعالى يا موسى انه تشفع عند موته بثلاثة أشياء لو سأل بها جميع المذنبين لغفرت. الاول انه قال يا رب أنت تعلم انى وان كنت ارتكبت المعاصي بفعل الشيطان والقرين السوء ولكنى كنت أكرهها بقلبي. والثاني انى وان كنت مع الفسقة بارتكاب المعاصي ولكن الجلوس مع الصالحين كان أحب الى. والثالث لو استقبلني صالح وفاجر كنت اقدم حاجة الصالح وفى رواية وهب بن منبه قال يا رب لو عفوت عنى لفرح أنبياؤك وأولياؤك وحزن عدوك الشيطان ولو عذبتنى لكان الأمر بالعكس ولا ريب ان فرح الأولياء أحب إليك من فرح الأعداء فارحمنى وتجاوز عنى قال الله تعالى فرحمته فانى غفور رحيم خاصة لمن أقر بالذنب فعلى العاقل ان لا يقنط من رحمة ربه فانه تعالى