للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذهاب بصفاء قلب وهمة لا بگسل نفس وغمة وفي الحديث إذا اذن المؤذن اى في الأوقات الخمسة أدبر الشيطان وله حصاص وهو بالضم شدة العدو وسرعته وقال حماد بن سلمة قلت لعاصم بن أبى النجود ما الحصاص قال اما رأيت الحمار إذا أصر بأذنيه اى ضمهما الى رأسه ومصع بذنبه اى حركه وضرب به وعدا اى اسرع في المشي فذلك حصاصه وفيه اشارة الى ان ترك السعى من فعل الشيطان وهذا بالنسبة الى غير المريض والأعمى والعبد والمرأة والمقعد والمسافر فانهم ليسوا بمكلفين فهم غير منادين اى لا سعى من المرضى والزمنى والعميان وقد قال تعالى فاسعوا واما النسوان فهن امرن بالقرار في البيوت بالنص والعبد والمسافر مشغولان بخدمة المولى والنقل قال النصرآباديّ العوام في قضاء الحوائج في الجمعات والخواص في السعى الى ذكره لعلمهم بأن المقادير قد جرت فلا زيادة ولا نقصان وقال بعضهم الذكر عند المذكور حجاب والسعى الى ذكر الله مقام المريدين يطلبون من المذكور محل قربة اليه والدنو منه واما المحقق في المعرفة وقد غلب عليه ذكر الله إياه بنعت تجلى نفسه لقلبه وَذَرُوا الْبَيْعَ يقال فلان يذر الشيء اى يقذفه لقلة اعتداده به ولم يستعمل ماضيه وهو وذر اى اتركوا المعاملة فالبيع مجاز عن المعاملة مطلقا كالشرآء والاجارة والمضاربة وغيرها ويجوز ابقاء البيع على حقيقته ويلحق به غيره بالدلالة وقال بعضهم النهى عن البيع يتضمن النهى عن الشراء لانهما متضايفان لا يعقلان الا معا فاكتفى بذكر أحدهما عن الآخر وأراد الأمر بترك ما يذهل عن ذكر الله من شواغل الدنيا وانما خص البيع والشراء من بينها لان يوم الجمعة يوم تجمع فيه الناس من كل ناحية فاذا دنا وقت الظهيرة يتكاثر البيع والشراء فلما كان ذلك الوقت مظنة الذهول عن ذكر الله والمضي الى المسجد قيل لهم بادروا تجارة الآخرة واتركوا تجارة الدنيا واسعوا الى ذكر الله الذي لا شيء انفع منه واربح وذروا البيع الذي نفعه يسير وربحه قليل ذلِكُمْ اى السعى الى ذكر الله وترك البيع خَيْرٌ لَكُمْ من مباشرته فان نفع الآخرة أجل وأبقى إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ الخير والشر الحقيقيين روى انه عليه السلام خطب فقال ان الله افترض عليكم الجمعة في يومى هذا وفي مقامى هذا فمن تركها في حياتى وبعد مماتى وله امام عادل او جائر من غير عذر فلا بارك الله له ولا جمع الله شمله ألا فلا حج له أفلا فلا صوم له ومن تاب تاب الله عليه فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ التي نوديتم لها اى أديت وفرغ منها فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ لاقامة مصالحكم والتصرف فى حوائجكم اى تفرقوا فيها بأن يذهب كل منكم الى موضع فيه حاجة من الحوائج المشروعة التي لا بد من تحصيلها للمعيشة فان قلت ما معنى هذا الأمر فانه لو لبث في المسجد الى الليل يجوز بل هو مستحب فالجواب ان هذا امر الرخصة لا امر العزيمة اى لا جناح عليكم في الانتشار بعد ما أديتم حق الصلاة وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ اى الربح يعنى اطلبوا لأنفسكم وأهليكم من الرزق الحلال بأى وجه يتيسر لكم من التجارة وغيرها من المكاسب المشروعة دل على هذا المعنى سبب نزول قوله وإذا رأوا تجارة إلخ كما سيأتى

<<  <  ج: ص:  >  >>