فى يمينه ورأيت رجلا من أمتي قد خف ميزانه فجاءته افراطه فثقلوا ميزانه ورأيت رجلا من أمتي قائما على شفير جهنم فجاءه وجله من الله فاستنقذه من ذلك ومضى ورأيت رجلا من أمتي أهوى فى النار فجاءته دموعه التي بكى بها من خشية الله فاستخرجته من النار ورأيت رجلا من أمتي قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة فجاءه حسن ظنه بالله فسكن رعدته ومضى ورأيت رجلا من أمتي على الصراط يزحف أحيانا ويحبو أحيانا ويتعلق أحيانا فجاءته صلاته على فاخذت بيده وإقامته ومضى على الصراط ورأيت رجلا من أمتي انتهى الى أبواب الجنة فغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة ان لا اله الا الله ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قال لا اله الا الله مخلصا دخل الجنة) قيل يا رسول الله وما إخلاصها قال (ان تحجزه عن محارم الله) فعلم من هذا التفصيل ان الخلاص وان كان بفضل الله تعالى لكنه منوط بالأعمال الصالحة فالقرابة لا تغنى شيأ إذا فسد العمل واما قول من قال إذا طاب اصل المرء طابت فروعه فباعتبار الغالب فان من عادته تعالى ان يخرج الحي من الميت والميت من الحي ونعم ما قيل
اصل را اعتبار چندان نيست ... روى تر كل ز خار خندان نيست
مى ز غوره شود شكر از نى ... عسل از نحل حاصلست بقي
والعود الذي تفوح رائحته وان كان في الأصل شجرة كسائر الأشجار الا انه لما كان له استعداد لتلك المرتبة وحصل ذلك بالتربية فاق على الاقران وخرج من جنس الأصل وكذا المسك فان أصله دم وكم من نسيب يعود على أصله بالعكس فيظهر فيه اثر الصلاح الباطن في أبيه ان كان اى أبوه فاسقا او الفساد الباطن فيه ان كان صالحا وكم من فرع يميل الى أصله على وجه فانظر حال آدم عليه السلام وولديه هابيل وقابيل ومن بعدهم الى قيام الساعة وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى نزلت في رؤس يهود المدينة وفي نصارى نجران اى قالت اليهود كونوا هودا فان نبينا موسى أفضل الأنبياء وكتابنا التوراة أفضل الكتب وديننا أفضل الأديان وكفروا بعيسى والإنجيل وبمحمد والقرآن وقالت النصارى كونوا نصارى فان نبينا عيسى أفضل الأنبياء وكتابنا الإنجيل أفضل الكتب وديننا أفضل الأديان وكفروا بموسى والتوراة وبمحمد والقرآن تَهْتَدُوا جواب للامر اى ان تكونوا كذلك تجدوا الهداية من الضلالة قُلْ يا محمد لهم على سبيل الرد وبيان ما هو الحق لا نكون ما تقولون بَلْ نكون مِلَّةَ إِبْراهِيمَ اى اهل ملته ودينه على حذف المضاف اى بل نتبع ملته لان كونوا معناه اتبعوا اليهودية والنصرانية حَنِيفاً اى مائلا عن كل دين باطل الى دين الحق ومنحرفا عن اليهودية والنصرانية وهو حال من المضاف اليه وهو ابراهيم كما في رأيت وجه هند قائمة لان رؤية وجه هند يستلزم رؤيتها فالحال هنا تبين هيئة المفعول او من المضاف وهو الملة وتذكير حنيفا حينئذ بتأويل الملة بالدين لانهما متحدان ذاتا والتغاير بالاعتبار وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ تعريض بهم وإيذان ببطلان دعواهم اتباع ابراهيم مع اشراكهم بقولهم عزير ابن الله والمسيح ابن الله وفي الآية ارشاد الى اتباع دين ابراهيم وهو الدين الذي عليه نبينا عليه السلام وأصحابه واتباعه