مهتدون انها تزيدهم هدى قال تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً) الآية واما معنى تبشيرها إياهم فظاهر لانها تبشرهم برحمة من الله ورضوان وخصهم بالذكر لانتفاعهم به الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ صفة مادحة للمؤمنين وتخصيصهما بالذكر لانهما قرينتا الايمان وقطرا العبادات البدنية والمالية مستتبعان لسائر الأعمال الصالحة. والمعنى يؤدون الصلاة بأركانها وشرائطها فى مواقيتها ويؤتون الصدقة المفروضة للمستحقين وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ من تتمه الصلة والواو للحال اى والحال انهم يصدقون بانها كائنة ويعلمونها علما يقينا: وبالفارسية [وحال آنكه ايشان بسراى ديكر بى گمان ميشوند تكرير ضمير اشارت باختصاص ايشانست در تصديق آخرت] او جملة اعتراضية كأنه قيل وهؤلاء الذين يؤمنون ويعملون الصالحات هم الموقنون بالآخرة حق الإيقان لا من عداهم فان تحمل مشاق العبادات انما يكون لخوف العاقبة والوقوف على المحاسبة إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لا يصدقون بالبعث بعد الموت زَيَّنَّا لَهُمْ [آراسته كرديم براى ايشان] أَعْمالَهُمْ القبيحة حيث جعلناها مشتهاة للطبع محبوبة للنفس كما ينبئ عنه قوله عليه السلام (حفت النار بالشهوات) اى جعلت محفوفة ومحاطة بالأمور المحبوبة المشتهاة واعلم ان كل مشيئة وتزيين وإضلال ونحو ذلك منسوبة الى الله تعالى بالاصالة والى غيره بالتبعية. ففى الآية حجة قاطعة على المعتزلة والقدرية فَهُمْ يَعْمَهُونَ يتحيرون ويترددون على التجدد والاستمرار فى الاشتغال بها والانهماك فيها من غير ملاحظة لما يتبعها من الضرر والعقوبة والفاء لترتيب المسبب على السبب: وبالفارسية [پس ايشان سركردان ميشوند در ضلالت خود] والعمه التردد فى الأمر من التحير أُوْلئِكَ الموصوفون بالكفر والعمه الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ اى فى الدنيا كالقتل والاسر يوم بدر. والسوء كل ما يسوء الإنسان ويغمه وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ أشد الناس خسرانا لاشترائهم الضلالة بالهدى فخسروا الجنة ونعيمها وحرموا النجاة من النار واعلم ان اهل الدنيا فى خسارة الآخرة واهل الآخرة فى خسارة المولى فمن لم يلتفت الى الكونين ريح المولى ولما وجد ابو يزيد البسطامي قدس سره فى البادية قحف رأس مكتوب عليه خسر الدنيا والآخرة بكى وقبله وقال هذا رأس صوفى فمن وجد المولى وجد الكل ومن وجد الكل بدون وجدان المولى لم يجد شيأ مفيد أوضاع وقته: وقال الحافظ
اوقات خوش آن بود كه با دوست بسر رفت ... باقى همه بى حاصل وبيخبرى بود
قال بعض العارفين كوشفت بأربعين حوراء رأيتهن يتساعين فى الهواء عليهن ثياب من فضة وذهب وجوهر فنظرت إليهن نظرة فعوقبت أربعين يوما ثم كوشفت بعد ذلك بثمانين حوراء فوقهن فى الحسن والجمال وقيل لى انظر إليهن فسجدت وغضضت عينى فى السجود وقلت أعوذ بك مما سواك لا حاجة لى بهذا ولم ازل أتضرع حتى صرفهن عنى فهذا حال العارفين حيث لا يلتفتون الى ما سوى الله تعالى ويكونون عميا عن عالم الملك والملكوت. واما الغافلون الجاهلون فبحبهم ما سواه تعالى عميت عيون قلوبهم وصمت آذانها فانه لا يكون