للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العاقل ان يجتهد فى تصفية الباطن وتجلية القلب وكشف الغطاء عنه بكثرة ذكر الله تعالى وعن مالك بن انس رضى الله عنه بلغني ان عيسى بن مريم عليهما السلام قال لا تكثروا الكلام فى غير ذكر الله فتقسوا قلوبكم والقلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون وقال مالك بن دينار من لم يأنس بحديث الله عن حديث المخلوقين فقد قل عمله وعمى قلبه وضاع عمره وفى الحديث (لكل شىء صقالة وصقالة القلب ذكر الله وقال ابو عبد الله الانطاكى دواء القلب خمسة أشياء مجالسة الصالحين وقراءة القرآن واخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند الصبح كذا فى تنبه الغافلين وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ كانوا يقولون له عليه السلام ائتنا بما وعدتنا ان كنت من الصادقين: والمعنى بالفارسية [وبشتاب ميخواهند از تو كافران مكه چون نضر ابن حارث وإضراب او يعنى تعجيل مينمايند بطريق استهزاء وتعجيز بنزول عذاب موعود] قال فى التأويلات النجمية يشير الى عدم تصديقهم كما قال تعالى (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها) ولو آمنوا لصدقوا ولو صدقوا لسكتوا عن الاستعجال وهو طلب الشيء وتحريه قبل أوانه وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ابدا وقد سبق الوعد فلا بد من مجيئه حتما وقد أنجز الله ذلك يوم بدر قال فى التأويلات النجمية فيه اشارة الى ان الخلف فى وعيد الكفار لا يجوز كما ان الخلف فى الوعد للمؤمنين لا يجوز ويجوز الخلف فى وعيد المؤمنين لانه سبقت رحمة الله غضبه فى حق المؤمنين ووعدهم بالمغفرة بقوله (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) وبقوله (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) انتهى واحسن يحيى بن معاذ فى هذا المعنى حيث قال الوعد والوعيد حق فالوعد حق العباد على الله ضمن لهم إذا فعلوا ذلك ان يعطيهم كذا ومن اولى بالوفاء من الله والوعيد حقه على العباد قال لا تفعلوا كذا فاعذبكم ففعلوا فان شاء عفا وان شاء آخذ لانه حقه واولاهما العفو والكرم لانه غفور رحيم قال السرى الموصلي

إذا وعد السرّاء أنجز وعده ... وان أوعد الضراء فالعفو مانعه

كذا فى شرح العضد للجلال الدواني ثم ذكر ان لهم مع عذاب الدنيا فى الآخرة عذابا طويلا وهو قوله وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ اى من ايام عذابهم كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ وذلك ان لليوم مراتب فيوم كالآن وهو ادنى ما يطلق عليه الزمان فمنه يمتد الكل وهو مشار اليه بقوله تعالى (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) فالشأن الإلهي بمنزلة الروح يسرى فى أدوار الزمان ومراتبه سريان الروح فى الأعضاء ويوم كخمسين الف سنة وهو يوم القيامة ويوم كالف سنة وهو يوم الآخرة والخطاب للرسول ومن معه من المؤمنين كأنه قيل كيف يستعجلون بعذاب ويوم واحد من ايام عذابه فى طول الف سنة من سنيكم اما من حيث طول ايام عذابه حقيقة او من حيث ان ايام الشدائد مستطالة كما يقال ليل الفراق طويل وايام الوصل قصار ويقال سنة الوصل سنة وسنة الهجر سنة

ويوم لا أراك كالف شهر ... وشهر لا أراك كالف عام

: قال الحافظ

آندم كه با تو باشم يكساله هست روزى ... واندم كه بى تو باشم يك لحظه هست حالى

<<  <  ج: ص:  >  >>