للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول آمِنُوا بِي اى بوحدانيتى فى الربوبية والالوهية وَبِرَسُولِي اى وبرسالة رسولى ولا تزيلوه عن حيزه حطا ولا رفعا قالُوا كأنه قيل فماذا قالوا حين اوحى إليهم ذلك فقيل قالوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ اى مخلصون فى أيماننا من اسلم وجهه لله اى أخلص إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ منصوب باذكر يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ هذا السؤال كان فى ابتداء أمرهم قبل ان يستحكم معرفتهم بالله ولذلك أساءوا الأدب مع عيسى عليه الصلاة والسلام حيث لم يقولوا يا رسول الله او يا روح الله وخاطبوه باسمه ونسبوه الى امه ولو وفقوا للادب لقالوا يا روح الله ونسبوه الى الله ثم رفضوا الأدب مع الله وقالوا هل يستطيع ربك كالمتشكك فى استطاعته وكمال قدرته على ما يشاء كيف يشاء ثم أظهروا دناءة همتهم وخساسة نهمتهم إذ طلبوا بواسطة مثل عيسى من الله تعالى مائدة دنيوية فانية وما رغبوا فى فائدة دينية باقية ولو رغبوا فى الفائدة الدينية لنالوا المائدة الدنيوية ايضا قال الله تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ والمائدة الخوان الذي عليه الطعام من ماده إذا أعطاه ورفده كأنها تميد من تقدم إليها ونظيره قولهم شجرة مطعمة قال فى الشرعة وضع الطعام على الأرض أحب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم على السفرة وهى على الأرض والاكل على الخوان فعل الملوك اى آداب الجبارين لئلا يتطأطأوا عند الاكل وعلى المنديل فعل العجم اى اهل فارس من المتكبرين وعلى السفرة فعل العرب وهى فى الأصل طعام يتخذه المسافر للسفر ثم سمى بها الجلد المستدير المحمول هو فيه قالَ كأنه قيل فماذا قال لهم عيسى عليه السلام حين قالوا ذلك فقيل قال اتَّقُوا اللَّهَ اى من أمثال هذا السؤال إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ اى بكمال قدرته تعالى او بصحة نبوتى قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها تمهيد عذر وبيان لما دعاهم الى السؤال لا نريد بالسؤال ازالة شبهتنا فى قدرته تعالى على تنزيلها او فى صحة نبوتك حتى يقدح ذلك فى الايمان والتقوى بل نريد ان نأكل منها اى أكل تبرك يتشفى بسببها مرضانا ويتقوى بها أصحاؤنا ويستغنى بها فقراؤنا وقيل مرادهم أكل احتياج لانهم قالوا ذلك فى زمن المجاعة والقحط وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا لكمال قدته تعالى بانضمام علم المشاهدة الى علم الاستدلال وَنَعْلَمَ علما يقينا أَنْ مخففة اى انه قَدْ صَدَقْتَنا فى دعوى النبوة وان الله يجب دعوتنا وان كنا عالمين بذلك من قبل وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ نشهد عليها عند الذين لم يحضروها من بنى إسرائيل ليزداد المؤمنون منهم بشهادتنا طمأنينة ويقينا ويؤمن بسببها كفارهم او من الشاهدين للعين دون السامعين للخبر قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لما رأى عليه السلام ان لهم غرضا صحيحا فى ذلك وانهم لا يقلعون عنه أزمع على استدعائها واستنزالها وأرد ان يلزمهم الحجة بكمالها اللَّهُمَّ اى يا الله والميم عوض عن حرف النداء وهى كلمة عظيمة من قالها فقد ذكر الله تعالى بجميع أسمائه وفى الميم سبعون اسما من أسمائه تعالى قد اندرجت فيها رَبَّنا ناداه سبحانه مرتين إظهارا لغاية التضرع ومبالغة فى الاستدعاء

<<  <  ج: ص:  >  >>