واقف يسمع كلامها فقيل له يا امير المؤمنين أتقف لهذه العجوز هذا الوقوف الطويل فقال والله لو حبستنى من أول النهار الى آخره ما زلت الا للصلاة المكتوبة أتدرون من هذه العجوز هى خولة بنت ثعلب سمع الله قولها من فوق سبع سموات أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر وهذه الفوقية لا يلزم منها الجهة لان الله هو العلى المتعال فاعرف ثم انه من اكبر الذنوب أن يقول الرجل لاخيه اتقى الله فيقول في جوابه عليك نفسك اى الزم نفسك أنت تأمرنى بهذا وذلك لانه إذا ذكر اسم الله يلزم التعظيم له سوآء صدر من مسلم او كافر وأعلم الناس لا يستغنى عن تنبيه وإيقاظ
يقال اللائق بالعاقل أن يكون كالنحل يأخذ من كل شيء ثم يخرجه عسلا فيه شفاء من كل داء وشمعا له منافع لا سيما الضياء فطالب الحكمة يأخذها من كل مقام سوآء قعد أو قام (المرء لولا عرفه فهو الدمى والمسك لولا عرفه فهو الدم) العرف الاول بالضم بمعنى المعروف والثاني بالفتح الرائحة والدمى بضم الدال وفتح الميم جمع دمية وهى الصورة المنقشة من رخام أو عاج الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ أيها المؤمنون فلا يلحق بهم الذمي لانه ليس من اهل الكفارة لغلبة جهة العبادة فيها فلا يصح ظهاره مِنْ نِسائِهِمْ هذا شروع في بيان الظهار في نفسه وحكمه المترتب عليه شرعا بطريق الاستئناف والظهار لغة مصدر ظاهر الرجل اى قال لزوجته أنت على كظهر أمي والظهر العضو والجارحة ويعبر عن البطن بالظهر اى أنت على حرام كبطن أمي فكنى عن البطن بالظهر الذي هو عمود البطن لئلا يذكر ما يقارب الفرج تأدبا ثم قيل ظاهر من امرأته فعدى بمن لتضمين معنى التجنب لاجتناب أهل الجاهلية من المرأة المظاهر منها إذ الظهار طلاق عندهم كما مر في قولهم آلى منها لما ضمنه من معنى التباعد من الالية بمعنى الحلف وفي القرآن واجنبنى وبنى أن نعبد الأصنام اى بعدنى وإياهم من عبادة الأصنام فمعنى البعد انما هو في الاجتناب ونحوه المتعدى بمن لان معنى الابتداء الذي هو معنى من لا يخلو عن البعد فان من معانى عن لامن ثم انه ألحق الفقهاء بالظهر نحو البطن والفخذ والفرج مما يحرم النظر إليها من الام فمن قال أنت على كبطن أمي او فخذها او فرجها كان ظهارا بخلاف مثل اليد أو الرجل وكذا ألحقوا بالأم سائر المحارم فلو وضع المظاهر مكان الام ذات رحم محرم منه من نسب كالخالة والعمة او رضاع او صهر كان ظهارا مثل أن يقول أنت عليه كظهر خالتى او عمتى او أختي نسبا او رضاعا او كظهر امرأة ابني او أبى ولو شبهها بالخمر والخنزير أو الدم او الميتة او قتل المسلم او الغيبة او النميمة او الزنى او الربا او الرشوة فانه ظهار إذا نوى وفى أنت على كأمى صح نية الكرامة اى استحقاق البر فلا يقع طلاق ولا ظهار وصح نية الظهار بأن يقصد التشبيه بالأم فى الحرمة فيترتب عليه احكام الظهار لا غير ونية الطلاق بأن يقصد إيجاب الحرمة فان لم ينو شيأ لغا وأنث على حرام كأمى صح فيه ما نوى من ظهار او طلاق أو إيلاء ولو قال