لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ إلخ بيان لما يتمتعون به فى الجنة من المآكل والمشارب ويتلذذون به من الملاذ الجسمانية والروحانية بعد بيان ما لهم فيها من مجالس الانس ومحافل القدس تكميلا لبيان كيفية ما هم فيه من الشغل والبهجة والفاكهة الثمار كلها والمعنى لهم فى الجنة غاية مناهم فاكهة كثيرة من كل نوع من انواع الفواكه عظيمة لا توصف جمالا وبهجة وكمالا ولذة كما روى ان الرمانة منها تشبع السكن وهو اهل الدار والتفاحة تنفتق عن حوراء عيناء وكل ما هو من نعيم الجنة فانما يشارك نعيم الدنيا فى الاسم دون الصفة وفيه اشارة الى ان لا جوع فى الجنة لان التفكه لا يكون لدفع ألم الجوع وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ الجملة معطوفة على الجملة السابقة وعدم الاكتفاء بعطف ما يدعون على فاكهة لئلا يتوهم كون ما عبارة عن توابع الفاكهة وتتماتها وما عبارة عن مدعو عظيم الشان معين او مبهم. ويدعون أصله يدتعيون على وزن يفتعلون من الدعاء لا من الادّعاء بمعنى الإتيان بالدعوى: وبالفارسيه [دعوى كردن بر كسى] فبناء افتعل الشيء فعله لنفسه وإعلاله انه استثقلت الضمة على الياء فنقلت الى ما قبلها فحذفت لاجتماع الساكنين فصار يدتعون ثم أبدلت التاء دالا فادغمت الدال فى الدال فصار يدعون والمعنى ولهم ما يدعون الله به لانفسهم من مدعو عظيم الشان او كل ما يدعون به كائنا ما كان من اسباب البهجة وموجبات السرور قال ابن الشيخ اى ما يصح ان يطلب فهو حاصل لهم قبل الطلب كما قال الامام ليس معناه انهم يدعون لانفسهم شيأ فيستجاب لهم بعد الطلب بل معناه لهم ذلك فلا حاجة الى الدعاء كما إذا سألك أحد شيأ فقلت لك ذلك وان لم تطلبه ويجيئ الادعاء بمعنى التمني كما قال فى تاج المصادر [الادعاء: آرزو خواستن] من قولهم ادع على ما شئت بمعنى تمنه علىّ فالمعنى ولهم ما يتمنونه: وبالفارسية [ومر ايشانرا آنچهـ خواهند وآرزو برند وابن عباس رضى الله عنهما كفت كه بهشتى از أطعمه واشربه بي آنكه بزبان آرد پيش خود حاضر بيند] سَلامٌ بدل من ما يدعون كأنه قيل ولهم سلام وتحية يقال لهم قَوْلًا كائنا مِنْ جهة رَبٍّ رَحِيمٍ اى يسلم عليهم من جهته تعالى بواسطة الملك او بدونها مبالغة فى تعظيمهم فقولا مصدر مؤكد لفعل هو صفة لسلام وما بعده من الجار متعلق بمضمر هو صفة له والاوجه ان ينتصب قولا على الاختصاص اى بتقدير اعنى فان المقام مقام المدح من حيث ان هذا القول صادر من رب رحيم فكان جديرا بان يعظم امره وفى الحديث (بينا اهل الجنة فى نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤسهم فاذا الرب تعالى قد اشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم يا اهل الجنة فذلك قوله سلام قولا من رب رحيم فينظر إليهم وينظرون اليه فلا يلتفتون الى شىء من النعيم ما داموا ينظرون اليه حتى يحتجب عنهم فيبقى نوره وبركته عليهم فى ديارهم)