وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بطلب الحق ووجدانه اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ فى طلب المقاصد من باب قهر الحق تعالى إِنَّا عامِلُونَ فى طلب الحق من باب لطفه وَانْتَظِرُوا قهر الحق من باب قهره إِنَّا مُنْتَظِرُونَ وجدان الحق من باب لطفه وقد ثبت عند اهل التحقيق ان الوجود العيني تابع لعلم الله تعالى وهو تابع للمعلوم الذي هو عين ثابتة لكل فرد من افراد الإنسان وهم قد سألوا بلسان الاستعداد فى تلك المرتبة اى حين كونهم أعيانا ثابتة كل ما لهم وعليهم فسلوكهم فى هذه النشأة الى طريق الأعمال القهرية ودقهم باب الجلال الإلهي انما هو من نتائج استعداداتهم ومقتضيات اسئلتهم السابقة وقس عليه اهل اللطف والجمال وكما ان الله تعالى نصر أنبياءه كذلك ينصر أولياءه وصالح المؤمنين ويفتح عليهم أبواب لطفه وكرمه ويؤيدهم ويثبتهم ويحفظهم من تزلزل الاقدام بحسب مراتبهم ويدفع عن قلوبهم الألم وانما الألم من فقدان العيان- يحكى- ان شابا ضرب تسعة وتسعين سوطا فما صاح ولا استغاث الا فى واحدة بعدها فتبعه الشبلي رحمه الله فسأله عن امره فقال ان العين التي ضربت من أجلها كانت تنظر الىّ فى التسعة والتسعين وفى الواحدة حجبت عنى: وفى المثنوى
هر كجا باشد شه ما را بساط ... هست صحرا گر بود سم الخياط
هر كجا يوسف رخى باشد چوماه ... جنتست آن گرچهـ باشد قعر چاه
فالكلام انما هو فى كون المرء مع الحق وشهوده فى كل وقت وَلِلَّهِ اللام للاختصاص غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الغيب فى الأصل مصدر واضافة المصدر من صيغ العموم والاضافة بمعنى فى اى يختص به علم ما غاب فيهما عن العباد وخفى عليهم علمه فكيف يخفى عليه أعمالكم وَإِلَيْهِ تعالى وحده يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ بضم الياء وفتح الجيم بمعنى يرد وبفتح الياء وكسر الجيم بمعنى يعود عواقب الأمور كلها يوم القيامة فيرجع أمرك يا محمد وامر الكفار اليه فينتقم لك منهم فَاعْبُدْهُ اى أطعه واستقم على التوحيد وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ فوض اليه جميع أمورك فانه كافيك وعاصمك من شرهم فعليك تبليغ ما أوحينا إليك بقلب فسيح غير مبال بعداوتهم وعتوهم وسفههم وفى تأخير الأمر بالتوكل عن الأمر بالعبادة اشعار بانه لا ينفع بدونها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ وكل عمل تعمله أنت وهم اى الكفار فالله تعالى عالم به غير فاعل عنه لان الغفلة والسهو لا يجوزان على من لا يخفى عليه شىء فى السماوات والأرض فيجازى كلا منك ومنهم بموجب الاستحقاق وعن كعب الأحبار ان فاتحة التوراة سورة الانعام وخاتمتها هذه الآية وهى وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إلخ اعلم ان علم الغيوب بالذات مختص بالله تعالى واما اخبار الأنبياء والأولياء صلوات الله عليهم أجمعين فبواسطة الوحى والإلهام وتعليم الله تعالى. ومن هذا القبيل اخباره عليه السلام عن حال العشرة المبشرة. وكذا عن حال بعض الناس وعن محمد بن كعب انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان أول من يدخل من هذا الباب رجل من اهل الجنة) فدخل عبد الله ابن سلام فقام اليه الناس من اصحاب رسول الله فاخبروه بذلك قالوا لو اخبرتنا باوثق عمل ترجوبه فقال انى ضعيف وان أوثق ما أرجو به سلامة الصدر وترك ما لا يعنى. وكذا اخباره عليه السلام