الى انه ليس للانبياء والأولياء الا الانذار والنصح وليس لهم اسماع الصم وهم الذين لعنهم الله فى الأزل بالطرد عن جوار الحضرة الى أسفل الدنيا واصمهم وأعمى أبصارهم بحبها وطلب شهواتها فلا يسمعون ما ينذرون به وانما الاسماع لله لا للخلق كما قال تعالى وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ [واگر برسد بكفره] والمس اللمس ويقال فى كل ما ينال الإنسان من أذى نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ اى وبالله لئن أصابهم ادنى شىء من عذابه تعالى الذي ينذربه والنفحة من الريح الدفعة ومن العذاب القطعة كما فى القاموس وعلى الاولى حمل شارح الشهاب ما وقع فى قوله عليه السلام (ان لربكم فى ايام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها) قال فى بحر العلوم من نفحته الدابة إذا ضربته اى ضربة او من نفحت الريح إذا هبت اى هبة او من نفح الطيب إذا فاح اى فوحة كما يقال شمة وقال ابن جريج اى نصيب من نفحه فلان من ماله إذا أعطاه حظا منه لَيَقُولُنَّ من غاية الاضطراب والحيرة يا وَيْلَنا [واى بر ما] وقد سبق تحقيقه إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ اى لدعوا على أنفسهم بالويل والهلاك واعترفوا عليها بالظلم حين تصاموا واعرضوا وهو بيان لسرعة تأثرهم من مجيئ نفس الوعد اثر بيان عدم تأثرهم من مجيئ خبره وفيه اشارة الى ان اهل الغفلة والشقاوة لا تنتبهون بتنبيه الأنبياء ونصح الأولياء فى الدنيا حتى يمسهم اثر من آثار عذاب الله بعد الموت فان الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا فاعترفوا بذنوبهم ونادوا بالويل والثبور على أنفسهم بما كانوا ظالمين فالظلم يجلب النقم ويسلب النعم سواء كان ظلم الغير او ظلم النفس فليجتنب المؤمن من اسباب العذاب والنقمة وليأت الى باب النجاة والرحمة وذلك بالمجاهدة وقمع الهوى واختيار طريق الطاعة والتقوى- روى- ان بعض الصالحين قال لعجوز متعبدة ارفقى بنفسك فقالت ان رفقى بنفسي يغيبنى عن باب المولى ومن غاب عن باب المولى مشتغلا بالدنيا فقد عرض للمحن والبلوى ثم بكت وقالت وا سوأتاه من حسرة السباق وفجيعة الفراق اما حسرة السباق فاذا قاموا من قبورهم وركب الأبرار نجائب الأبرار وقدمت بين يديهم نجائب المقربين بقي المسبوق فى جملة المحرمين واما فجيعة الفراق فاذا جمع الخلق فى مقام واحد امر الله تعالى ملكا ينادى ايها الناس امتازوا فان المتقين قد فازوا كما قال تعالى وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ فيمتاز الولد من والديه والزوج من زوجته والحبيب من حبيبه فهذا يحمل مبجلا الى رياض الجنة وهذا يساق مسلسلا الى عذاب الجحيم فاين من يمسه العذاب ممن يصل اليه الثواب واعلم ان الانذار ابلغ فانه من باب التخلية فلابد للعاصى من التخوف على المعاصي والإصغاء الى الموعظة والنصيحة الموقظة فانه سوف يقول المعرضون لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ وهم الصم قى الحقيقة: قال الشيخ سعدى
كه فردا پشيمان بر آرد خروش ... كه آوخ چرا حق نكردم بكوش
وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ الموازين جمع ميزان: بالفارسية [ترازو] والقسط العدل اى نقيم الموازين العادلة التي نوزن بها صحائف الأعمال ونحضرها او الأعمال باعتبار التجوهر