والتجسم وجمع الموازين باعتبار تعدد الأعمال أو لأن لكل شخص ميزانا قال الراغب الوزن معرفة قدر الشيء وذكر الميزان فى مواضع بلفظ الواحد اعتبارا بالمحاسبة وفى مواضع بلفظ الجمع اعتبارا بالمحاسبين انتهى وافراد القسط لانه مصدر وصف به مبالغة كرجل عدل قال الامام وصف الموازين بالقسط لانها قد لا تكون مستقيمة لِيَوْمِ الْقِيامَةِ اى لاجل جزائه فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ من النفوس شَيْئاً حقا من حقوقها على ان يكون مفعولا ثانيا لتظلم لانه بمعنى تنقص وتنقص يتعدى الى مفعولين يقال نقصه حقه من الظلم بل يوفى كل ذى حق حقه ان خيرا فخير وان شرا فشر على ان يكون مفعولا مطلقا وَإِنْ كانَ اى العمل المدلول عليه بوضع الموازين مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ المثقال ما يوزن به من الثقل اى مقدار حبة كائنة من خردل: بالفارسية [از سپندان كه أصغر حباتست] اى وان كان فى غاية القلة والحقارة فان حبة الخردل مثل فى الصغر أَتَيْنا بِها بقصر الهمزة من الإتيان والباء للتعدية اى أحضرنا ذلك العمل المعبر عنه بمثقال حبة الخردل للوزن والتأنيث لاضافته الى الحبة وَكَفى بِنا حاسِبِينَ إذ لا مزيد على علمنا وعدلنا الباء زائدة ونا فاعل كفى وحاسبين حال منه بمعنى عادّين من حسب المال إذا عده وقال ابن عباس رضى الله عنهما عالمين حافظين لان من حسب شيأ علمه وحفظه وفيه تحذير فان المحاسب العالم القادر الذي لا يفوته شىء يجب ان يخاف منه وروئ الشبلي قدس سره فى المنام فقيل ما فعل الله بك فقال
حاسبونا فدققوا ... ثم منوا فاعتقوا
قال الامام الغزالي رحمه الله الميزان حق ووجهه ان الله تعالى يحدث فى صحائف الأعمال وزنا بحسب درجات الأعمال عند الله فتصير مقادير اعمال العباد معلومة للعباد حتى يظهر لهم العدل فى العقاب او الفضل فى العفو وتضعيف الثواب يقول الفقير بهذا يندفع سؤال الامام فى تفسيره حيث قال اهل القيامة ان علموا كونه تعالى عادلا فلا حاجة الى وضع الميزان بل يكفى مجرد حكمه بترجيح جانب وان لم يعلموا لم يقد وزن الصحائف لاحتمال انه جعل احدى الكفتين أثقل ظلما انتهى وذلك لانهم علموا ذلك ضروريا لان الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا لكن الله تعالى أراد ان يحصل لهم العلم بمقادر أعمالهم ليظهر العدل والفضل ظهورا لا غاية وراءه وفيه الزام الحجة لهم قيل للميزان لسان وكفتان وهو بيد جبريل يوزن فيه الحسنات والسيئات فى احسن صورة وأقبحها والحكم للغالب فى الوزن وفى التساوي لفضل الله يقول الفقير لعل وجه كونه بيد جبريل انه الواسطة فى تنزيل الأمر والنهى فناسب ان يكون الميزان بيده ليزن صحائف الأوامر والنواهي- روى- ان داود عليه السلام سأل ربه ان يريه الميزان فاراه كل كفة كما بين المشرق والمغرب فغشى عليه ثم أفاق فقال الهى من ذا الذي يقدر ان يملأ كفته حسنات فقال يا داود انى إذا رضيت عن عبدى ملأتها بتمرة وفى الحديث (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان فى الميزان حبيبتان الى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) انما صارتا أحب لان فيهما المدح