قُلْ أَرَأَيْتُمْ أخبروني ايها القوم إِنْ كانَ ما يوحى الى من القرآن فى الحقيقة مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لا سحرا ولا مفترى كما تزعمون وفى كشف الاسرار ان هنا ليس بشك كقول شعيب ولو كنا كارهين لو هناك ليس بشك بل هما من صلات الكلام وَكَفَرْتُمْ بِهِ اى والحال انكم قد كفرتم به فهو حال بإضمار قد من الضمير فى الخبر وسط بين اجزاء الشرط مسارعة الى التسجيل عليهم بالكفر ويجوز أن يكون عطفا على كان كما فى قوله تعالى قل أرأيتم ان كان من عند الله ثم كفرتم به لكن لا على ان نظمه فى سلك الشرط المتردد بين الوقوع وعدمه عندهم باعتبار حاله فى نفسه بل باعتبار حال المعطوف عليه عندهم فان كفرهم به متحقق عندهم ايضا وانما ترددهم فى ان ذلك كفر بما عند لله أم لا وكذا الحال فى قوله تعالى وشهد شاهد من بنى إسرائيل وما بعده من الفعلين فان الكل امور متحققة عندهم وانما ترددهم فى انها شهادة وايمان بما عند الله واستكبار منهم أم لا وَشَهِدَ شاهِدٌ عظيم الشان مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ الواقفين على شؤون الله واسرار الوحى بما أوتوا من التوراة عَلى مِثْلِهِ اى مثل القرآن من المعاني المنطوية فى التوراة المطابقة لما فى القرآن من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك فانها عين ما فيه فى الحقيقة كما يعرب عنه قوله تعالى وانه لفى زبر الأولين وقيل المثل صلة يعنى عليه اى وشهد شاهد على انه من عند الله فَآمَنَ الفاء للدلالة على انه سارع فى الايمان بالقرءان لما علم انه من جنس الوحى الناطق بالحق وليس من كلام البشر وَاسْتَكْبَرْتُمْ عطف على شهد شاهد وجواب الشرط محذوف والمعنى أخبروني ان كان من عند الله وشهد على ذلك أعلم بنى إسرائيل فآمن به من غير تلعثم واستكبرتم عن الايمان به بعد هذه المرتبة من أضل منكم بقرينة قوله تعالى قل أرأيتم ان كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو فى شقاق بعيد إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الذين يضعون الجحد والإنكار موضع الإقرار والتسليم وصفهم بالظلم للاشعار بعلية الحكم فان تركه تعالى لهدايتهم لظلمهم وعنادهم بعد وضوح البرهان وفيه اشارة الى انه لا عذر لهم بحال إذ عند وجود الشاهد على حقية الدعوى تبطل الخصومة وذلك الشاهد فى الآية عبد الله ابن سلام بن الحارث حبر أهل التوراة وكان اسمه الخصين فسماه رسول الله عبد الله رضى الله عنه لما سمع بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه فنظر الى وجهه الكريم فعلم انه ليس بوجه كذاب وتأمله فتحقق انه النبي المنتظر فقال له انى اسألك عن ثلاث لا يعلمهن الا نبى ما أول اشراط الساعة وما أول طعام يأكله اهل الجنة والولد ينزع الى أبيه او الى امه فقال عليه السلام أما أول اشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق الى المغرب واما أول طعام أهل الجنة فزياده كبد الحوت وأما الولد فان سبق ماء الرجل نزعه وان سبق ماء المرأة نزعته فقال اشهد أنك رسول الله حقا فقام ثم قال يا رسول الله ان اليهود قوم بهت فان علموا بإسلامي قبل ان تسألهم عنى بهتوني عندك فجاء اليهود وهم خمسون فقال لهم النبي عليه السلام اى رجل عبد الله فيكم قالوا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا قال أرأيتم ان أسلم عبد الله قالوا أعاذه الله من ذلك فخرج إليهم عبد الله فقال اشهد أن لا اله الا الله واشهد أن محمدا