بكر بن عبد الله كان رجل يأتى بعض الملوك فيقوم بحذائه ويقول احسن الى المحسن بإحسانه فان المسيئ سيكفيه إساءته فحسده رجل على ذلك المقام والكلام فسعى به الى الملك وقال ان هذا الرجل يزعم ان الملك ابخر فقال الملك وكيف يصح ذلك عندى قال ندعو به إليك فانظر فانه إذا دنا منك وضع يده على انفه ان لا يشم ريح البخر فخرج من عند الملك فدعا الرجل الى منزله فاطعمه طعاما فيه ثؤم فخرج الرجل من عنده فقام بحذاء الملك فقال على عادته مثل ما قال فقال له الملك ادن منى فدنا منه واضعا يده على فيه مخافة ان يشم الملك منه ريح الثوم فصدق الملك في نفسه قول الساعي قال وكان الملك لا يكتب بخطه الا لجائزة فكتب له كتابا بخطه الى عامل له إذا أتاك الرجل فاذبحه واسلخه واحش جلده تبنا وابعث به الى فاخذ الكتاب وخرج فلقيه الرجل الذي سعى به فاستوهب منه ذلك الكتاب فاخذه منه بانواع التضرع والامتنان ومضى الى العامل فقال له العامل ان في كتابك ان أذبحك واسلخك قال ان الكتاب ليس هو لى الله الله في امرى حتى أراجع الملك قال ليس لكتاب الملك مراجعة فذبحه وسلخه وحشا جلده تبنا وبعث به ثم عاد الرجل كعادته فتعجب منه الملك فقال ما فعلت بالكتاب قال لقينى فلان فاستوهبه منى فوهبته قال الملك انه ذكر لى انك تزعم انى ابخر فقال كلا قال فلم وضعت يدك على انفك قال كان أطعمني طعاما فيه تؤم فكرهت ان تشمه قال ارجع الى مكانك فقد كفى المسيئ إساءته ونعم ما قيل
هر كه او نيك ميكند يابد ... نيك وبد هر چهـ ميكند يابد
اللهم احفظنا من مساوى الأخلاق ما شرطية جازمة لننسخ منتصبة به على المفعولية اى أي شىء نَنْسَخْ ومحل قوله مِنْ آيَةٍ نصب تمييز لما والنسخ في اللغة الازالة والنقل يقال نسخت الريح الأثر اى إزالته ونسخت الكتاب اى نقلته من نسخة الى نسخة ونسخ الآية بيان انتهاء التعبد بقراءتها او بالحكم المستفاد منها او بهما جميعا اما الاول فكآية الرجم كما روى ان مما يتلى عليكم في كتاب الله [الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة] فهو منسوخ التلاوة دون الحكم ومعنى النسخ في مثلها انتهاء التكليف بقراءتها عند نسخ تلاوتها واما الثاني فكآية عدة الوفاة بالحول قال تعالى وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ نسخت باربعة أشهر وعشرا لقوله تعالى يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً وكمصابرة الواحد لعشرة في القتال نسخت بمصابرة الواحد للاثنين فهو منسوخ الحكم دون التلاوة وهو المعروف من النسخ في القرآن فتكون الآية الناسخة والمنسوخة ثابتين في التلاوة الا ان المنسوخة لا يعمل بها ومعنى النسخ في مثلها بيان انتهاء التكليف بالحكم المستفاد منها عند نزول الآية المتأخرة عنها وحسن بقاء التلاوة مع نسخ الحكم ورفعه ليبقى حصول الثواب بقراءتها فان القرآن كما يتلى لحفظ حكمه لتيسير العمل به يتلى ايضا لكونه كلام الله تعالى فيثاب عليه واما الثالث فكما روى عن عائشة رضي الله عنها انها قالت كان مما يتلى في كتاب الله [عشر رضعات يحرمن] ثم نسخ [بخمس رضعات يحرمن] فهو منسوخ الحكم والتلاوة جميعا ومعنى النسخ في مثلها بيان انتهاء التكليف بقراءتها وبالحكم