واجتهاد والفرق بين الحرث والزرع ان الحرث إلقاء البذر وتهيئة الأرض والزرع مراعاته وانباته ولهذا قال أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ فاثبت لهم الحرث ونفى عنهم الزرع فالزرع أعم لانه يقال زرع اى طرح البذر وزرع الله اى أنبت كما فى القاموس أخبرهم انهم يواظبون سبع سنين على الزراعة ويبالغون فيها إذ بذلك يتحقق الخصب الذي هو مصداق البقرات السمان وتأويلها ودلهم فى تضاعيف ذلك على امر نافع لهم فقال فَما حَصَدْتُمْ [بس آنچهـ بدرويد از غلات در هر سال] فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ اى اتركوه فيه ولا تذروه كيلا يأكله السوس كما هو شأن غلال مصر ونواحيها ولعله استدل على ذلك بالسنبلات الحضر وانما أمرهم بذلك إذ لم يكن معتادا فيما بينهم وحيث كانوا معتادين للزراعة لم يأمرهم بها وجعلها امرا محقق الوقوع وتأويلا للرؤيا ومصداقا لما فيها من البقرات السمان إِلَّا قَلِيلًا [مگر اندكى بقدر حاجت] مِمَّا تَأْكُلُونَ فى تلك السنين فانتم تدرسون وقت حاجتكم اليه. وفيه ارشاد منه عليه السلام لهم الى التقليل فى الاكل والاقتصار على استثناء المأكول دون البذر لكون ذلك معلوما من قوله قال تزرعون سبع سنين وبعد إتمام ما أمرهم به شرع فى بيان بقية التأويل التي يظهر منها حكمة الأمر المذكور فقال ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد السنين المذكورات وهو عطف على تزرعون سَبْعٌ شِدادٌ جمع شديدة اى سبع سنين صعاب على الناس لان الجوع أشد من الاسر والقتل يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ اى يأكل أهلهن ما ادخرتم من الحبوب المتروكة فى سنابلها. وفيه تنبيه على ان امره بذلك كان لوقت الضرورة واسناد الاكل إليهن مع انه حال الناس فيهن مجاز كما فى نهاره صائم. وفيه تلويح بانه تأويل لا كل العجاف السمان واللام فى لهن ترشيح لذلك فكأن ما ادخر فى السنابل من الحبوب شىء قد هيئ وقدم لهن كالذى يقدم للنازل والا فهو فى الحقيقة مقدم للناس فيهن إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ تحرزون وتدخرون للبذر ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ اى من بعد السنين الموصوفة بما ذكر من الشدة وأكل الغلال المدخرة عامٌ فِيهِ سالى كه درو] يُغاثُ النَّاسُ من الغيث اى يمطرون فيكون بناؤه من ثلاثى والفه مقلوبة من الياء يقال غاثنا الله من الغيث وبابه باع ويجوز ان يكون من الغوث اى ينقذون من الشدة فيكون بناؤه من رباعى تقول اغاثنا من الغوث فالالف مقلوبة من الواو وَفِيهِ يَعْصِرُونَ اى ما شأنه ان يعصر من العنب والقصب والزيتون والسمسم ونحوها من الفواكه لكثرتها وتكرير فيه لان الغيث والغوث من فعل الله والعصر من فعل الناس واحكام هذا العام المبارك ليست مستتبطة من رؤيا الملك وانما تلقاه من جهة الوحى فبشرهم بها. أول البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخصبة. والعجاف واليابسات بسنين مجدبة. وابتلاع العجاف للسمان بأكل ما جمع فى السنين المخصبة فى السنين المجدبة وبيانه ان البقر فى جنس الحيوانات هو المخصوص بالعجافة وتناول النباتات حلوها ومرها وشرب المياه صافيها وكدرها كما ان السنة هى التي تسع الأمور كلها مرغوبها ومكروهها وتأتى بالحوادث حسنها وسيئها وايضا المعتبر فى امر التعبير هو عبارة الرائي وقد عبر الملك عن رؤياه ببقرات وسنبلات