اى لله سبحانه وتعالى قانِتُونَ منقادون لا يمتنع شىء منهم على مشيئته وتكوينه وكل ما كان بهذه الصفة لم يجانس مكونه الواجب لذاته فلا يكون له ولد لانه من حق الولد ان يجانس والده وانما عبر عن جميع الموجودات اولا بما يعبر به عن غير ذوى العلم وعبر عنه آخر بما يختص بالعقلاء وهو لفظ قانتون تحقيرا لشأن العقلاء الذين جعلوه ولدا لله سبحانه بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى هو مبدعهما على ان البديع بمعنى المبدع وهو الذي يبدع الأشياء اى يحدثها او ينشئها على غير مثال سبق والإبداع اختراع الشيء لا عن شىء دفعة اى من غير مادة ومدة وسمى صاحب الهوى مبتدعا لما لم يسبقه أحد من ارباب الشرع في إنشاء مثل ما فعله او المعنى بديع سمواته وارضه فعلى الاول من أبدع والاضافة معنوية وعلى الثاني من بدع إذا كان على شكل فائق وحسن رائق والاضافة لفظية وهو حجة اخرى لابطال مقالتهم الشنعاء تقريرها ان الوالد عنصر الولد المنفعل بانفصال مادته عنه والله تعالى مبدع الأشياء كلها على الإطلاق منزه عن الانفعال فلا يكون والدا ومن قدر على خلق السموات والأرض من غير شىء كيف لا يقدر على خلق عيسى من غير اب وَإِذا قَضى أَمْراً اى أراد شيأ واصل القضاء الاحكام اطلق على ارادة الالهية المتعلقة بوجود الشيء لايجابها إياه البتة فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ اى يحصل في الوجود سريعا من غير توقف ولا اباء كلاهما من كان التامة اى أحدث فيحدث واعلم ان اهل السنة لا يرون تعلق وجود الأشياء بهذا الأمر وهو كن بل وجودها متعلق بخلقه وإيجاده وتكوينه وهو صفة ازلية وهذا الكلام عبارة عن سرعة حصول المخلوق بايجاده وكمال قدرته على ذلك لكن لا يتعلق علم أحد بكيفية تعلق القدرة بالمعدومات فيجب الإمساك عن بحثها وكذا عن بحث كيفية وجود الباري وكيفية العذاب بعد الموت وأمثالها فانها من الغوامض ثم اعلم ان السبب في هذه الضلالة وهي نسبة الولد الى الله والقول بانه اتخذ ولدا ان ارباب الشرائع المتقدمة كانوا يطلقون على الباري تعالى اسم الأب وعلى الكبير منهم اسم الإله حتى قالوا ان الأب هو الرب الأصغر وان الله تعالى هو الأب الأكبر وكانوا يريدون بذلك انه تعالى هو السبب الاول في وجود الإنسان وان الأب هو السبب الأخير في وجوده فان الأب هو معبود الابن من وجه اى مخدومه ثم ظنت الجهلة منهم ان المراد به معنى الولادة الطبيعية فاعتقدوا ذلك تقليدا ولذلك كفر قائله ومنع منه مطلقا اى سواء قصد به معنى السببية او معنى الولادة الطبيعية حسما لمادة الفساد واتخاذ الحبيب او الخليل جائز من الله تعالى لان المحبة تقع على غير جوهر المحب قالوا اوحى الله تعالى الى عيسى عليه السلام ولدتك وأنت نبى فخفف النصارى التشديد الذي في ولدتك لانه من التوليد وصحفوا بعض إعجام النبي بتقديم الباء على النون فقالوا ولدتك وأنت بنيى تعالى الله عما يقول الظالمون وقال تعالى يا احبارى ويا أبناء رسلى فغيره اليهود وقالوا يا احبائى ويا ابنائى فكذبهم الله بقوله وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ فالله سبحانه منزه عن الحدود والجهات ومتعال عن الأزواج والبنين والبنات ليس كمثله شىء في الأرض ولا في السموات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى (كذبنى ابن آدم) اى نسبنى الى الكذب