تنزه ربنا رب العزة وقس على ذلك سائر المواقع المأمور بها وسر اختصاص سبحان ربى العظيم بالركوع والأعلى بالسجود ان الاول اشارة الى مرتبة الحيوان والثاني اشارة الى مرتبة النبات والجماد فلا بد من الترقي فى التنزيه وكان عليه السلام وجبوشه إذا علوا الثنايا كبروا وإذا هبطوا سبحوا فوضعت الصلاة على ذلك قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره فى شرح الحديث اعلم ان الرفعة والارتفاع استعلاء وانه من التكبر فان كان الاستعلاء ظاهرا فهو صورة من صور التكبر وان كان باطنا فهو معنى التكبر ولما كان الكبرياء لله وحده وكان فى الصعود على الثنايا ضرب من الاستعلاء موجود وشبيه به ايضا لذلك سن التكبير فيه اى ان الله اكبر وأعلى من أن يشارك فى كبريائه وان ظهرنا بصورة حال يوهم الاشتراك واما الأمر بالتسبيح فى الهبوط فهو من أجل سر لمعية المشار إليها بقوله تعالى وهو معكم أينما كنتم فاذا أمنا انه معنا أينما كنا فحال كوننا فى هبوط يكون معنا وهو يتزه عن التحت والهبوط لانه سبحانه فوق التحت كما الفوق انه فوق ونسبة الجهات اليه على السواء لنزاهته عن التقيد بالجهات واحاطته بها فلهذا شرع التكبير فى الصعود والتسبيح فى الهبوط على الوجه المنبه عليه انتهى وأول من قال سبحان ربى الأعلى ميكائيل عليه السلام وذلك انه خطر بباله عظمة الرب تعالى فقال يا رب أعطني قوة حتى انظر الى عظمتك وسلطانك فأعطاه قوة أهل السموات فطار خمسة آلاف سنة حتى احترق جناحه من نور العرش ثم سأل القوة فأعطاه قوة ضعف ذلك وجعل يطير ويرتفع عشرة آلاف سنة حتى احترق جناحه وصار فى آخره كالفرخ ورأى الحجاب والعرش على حاله فخر ساجدا وقال سبحان ربى الأعلى ثم سأل ربه أن يعيده الى مكانه والى حالته الاولى ذكره أبو الليث فى تفسيره وقال النبي عليه السلام يا جبرائيل أخبرني عن ثواب من قال سبحان ربى الأعلى فى صلاته او فى غير صلاته فقال يا محمد ما من مؤمن ولا مؤمنة يقولها فى سجوده او فى غير سجوده الا كانت له فى ميزانه أثقل من العرش والكرسي وجبال الدنيا ويقول الله صدق عبدى أنا الأعلى وفوق كل شىء وليس فوقى شىء اشهدوا يا ملائكتى انى قد غفرت لعبدى وأدخلته جنتى فاذا مات زاره ميكائيل كل يوم فاذا كان يوم القيامة حمله على جناحه فيوقفه بين يدى الله فيقول يا رب شفعنى فيه فيقول قد شفعتك فيه اذهب به الى الجنة ذكره ابن الشيخ فى حواشيه وفى الحديث (سبحان الله والحمد لله يملآن ما بين السموات والأرض) اى لاشتمال هاتين الكلمتين على كمال الثناء والتعريف بالصفات الذاتية والفعلية الظاهرة الآثار فى السموات والأرض وما بينهما وقال القاشاني اسمه الأعلى والأعظم هو الذات مع جميع الصفات اى نزه ذاتك بالتجرد عما سوى الحق وقطع النظر عن الغير ليظهر عليها الكمالات الحقانية بأسرها وهو تسبيحه الخاص به فى مقام الفناء لان الاستعداد التام القابل لجميع الصفات الالهية لم يكن الا له فذاته هو الاسم الأعلى عند بلوغ كماله ولكل شىء تسبيح خاص يسبح به اسما خالصا من اسماء ربه الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى صفة أخرى للرب على الوجه الاول ومنصوب على المدح على الثاني لئلا يلزم الفصل بين الموصوف والصفة غيره اى خلق