قال على أي دين تركته قال على دين الإسلام قال الآن تمت النعمة وقيل ما من كلمة أحب الى الله تعالى ولا ابلغ عنده فى الشكر من ان يقول العبد الحمد لله الذي أنعم علينا وهدانا الى الإسلام وإياك ان تغفل عن الشكر وتغتر بما أنت عليه فى الحال من الإسلام والمعرفة والتوفيق والعصمة فانه مع ذلك لا موضع للامن والغفلة فان الأمور بالعواقب قال بعض العارفين ان بعض الأنبياء عليهم السلام سأل الله تعالى عن امر بلعم وطرده بعد تلك الآيات والكرامات فقال الله تعالى لم يشكرنى يوما من الأيام على ما أعطيته ولو شكرنى على ذلك مرة لما سلبته فمن كان له جوهر نفيس يمكنه ان يأخذ فى ثمنه الف الف دينار فباعه بفلس أليس يكون ذلك خسرانا عظيما وغبنا فظيعا ودليلا بينا على خسة الهمة وقصور العلم وضعف الرأى وقلة العقل فتيقظ حتى لا تذهب عنك الدنيا والآخرة وتنبه فان الأمر خطير والعمر قصير وفى العمل تقصير والناقد بصير فان ختم الله بالخير اعمالنا وأقال عثراتنا فما ذلك عليه بعسير اللهم حقق رجاء عبدك الفقير وَلَقَدْ ذَرَأْنا اى وبالله قد خلقنا قال فى القاموس ذرأ كجعل خلق والشيء كثر ومنه الذرية مثلثة لنسل الثقلين لِجَهَنَّمَ اى لدخولها والتعذيب بها وهى سجن الله فى الآخرة سميت جهنم لبعد قعرها يقال بئر جهنام إذا كانت بعيدة القعر وهى تحتوى على حرور وزمهرير ففيها الحر والبرد على أقصى درجاتهما وبين أعلاها وقعرها خمس وسبعون مائة من السنين كَثِيراً كائنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ يعنى المصرين على الكفر فى علم الله تعالى فاللام فى لجهنم للعاقبة لان من علم الله ان يصر على الكفر باختياره فهو يصير من اهل النار. والجن أجسام هوائية قادرة على التشكل باشكال مختلفة لها عقول وإفهام وقدرة على الأعمال الشاقة وهى خلاف الانس سميت بذلك لاستجنانهم واستتارهم عن العيون يقال جنه الليل ستره والانس البشر كالانسان من آنس الشيء أبصره وقدم الجن على الانس لانهم اكثر عددا واقدم خلقا ولان لفظ الانس أخف بمكان النون الخفيفة والسين المهموسة فكان الأثقل اولى باول الكلام من الأخف لنشاط المتكلم وراحته والإجماع على ان الجن متعبدون بهذه الشريعة على الخصوص وان نبينا صلى الله عليه وسلم مبعوث الى الثقلين ولا شك انهم مكلفون فى الأمم الماضية كما هم مكلفون فى هذه الامة لقوله تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ وجمع الفريقين انما هو باعتبار استعدادهم الكامل الفطري للعبادة والسعادة والألم يصح التكليف عليهم فان قلت ما الحكمة فى ان الله تعالى جعل الكفار اكثر من المؤمنين قلت ليريهم انه مستغن عن طاعتهم وليظهر عز المؤمنين فيما بين ذلك لان الأشياء تعرف بأضدادها والشيء إذا قل وجوده عز فان قلت ان رحمته غلبت غضبه فيقتضى الأمر ان يكون اهل الرحمة اكثر من اهل الغضب واهل الغضب تسع وتسعون وتسعمائة من كل الف وواحد يؤخذ للجنة قلت هذه الكثرة بالنسبة الى بنى آدم واما بالنسبة الى الملائكة واهل الجنة فكثير لان بنى آدم قليل بالنسبة الى الملائكة والحور والغلمان فيكون اهل الرحمة اكثر من اهل الغضب وقيل اكثر الكفار بشارة للاخيار بكثرة الفداء لانه ورد فى الخبر الصحيح (ان كل مؤمن يأخذ كافرا بناصيته ويرميه الى النار فداء عن نفسه) وفى الحديث (ان الله لما زرأ لجهنم ما زرأ كان ولد الزنى ممن