وانصرف إِلَى الظِّلِّ هو ما لم يقع عليه شعاع الشمس وكان ظل سمرة هنالك فجلس فى ظلها من شدة الحر وهو جائع فَقالَ يا رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ اى أي شىء أنزلته الى مِنْ خَيْرٍ قليل او كثير وحمله الأكثرون على الطعام بمعونة المقام فَقِيرٌ محتاج سائل ولذلك عدى باللام وفيه اشارة الى ان السالك إذا بلغ عالم الروحانية لا ينبغى ان يقنع بما وجد من معارف ذلك العالم بل يكون طالبا للفيض الإلهي بلا واسطة قال بعضهم هذا موسى كليم الله لما كان طفلا فى حجر تربية الحق ما تجاوز جده بل قال رب إلخ فلما بلغ مبلغ الرجال ما رضى بطعام الأطفال بل قال أرني انظر إليك فكان غاية طلبه فى بدايته الطعام والشراب وفى نهايته رفع الحجاب ومشاهدة الأحباب قال ابن عطاء نظر من العبودية الى الربوبية فخشع وخضع وتكلم بلسان الافتقار لما ورد على سره من أنوار الربوبية فافتقاره افتقار العبد الى مولاه فى جميع أحواله لا افتقار سؤال وطلب انتهى وسئل سهل عن الفقير الصادق فقال لا يسأل ولا يرد ولا يحبس قال فارس قلت لبعض الفقراء مرة ورأيت عليه اثر الجوع والضر لم لا تسأل فيطعموك فقال أخاف ان اسألهم فيمنعونى فلا يفلحون ولما كان موسى عليه السلام جائعا سأل من الله ما يأكل ولم يسأل من الناس ففطنت الجاريتان فلما رجعتا الى أبيهما قبل الناس واغنامهما قفلت قال لهما ما أعجلكما قالتا وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقى لنا ثم تولى الى الظل فقال رب إلخ فقال أبوهما هذا رجل جائع فقال لاحداهما اذهبي فادعيه لنا فَجاءَتْهُ إِحْداهُما عقيب ما رجعتا الى أبيهما وهى الكبرى واسمها صفورياء فان قلت كيف جاز لشعيب إرسال ابنته لطلب اجنبى قلت لانه لم يكن له من الرجال من يقوم بامره ولانه ثبت عنده صلاح موسى وعفته بقرينة الحال وبنور الوحى تَمْشِي حال من فاعل جاءته عَلَى اسْتِحْياءٍ ما هو عادة الابكار. والاستحياء [شرم داشتن] قال ابو بكر ابن طاهر لتمام إيمانها وشرف عنصرها وكريم نسبها أتته على استحياء وفى الحديث (الحياء من الايمان) اى شعبة منه قال أعرابي لا يزال الوجه كريما ما غلب حياؤه ولا يزال الغصن نضيرا ما بقي لحاؤه قالَتْ استئناف بيانى إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ ليكافئك أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا جزاء سقيك لنا [موسى بجهت زيارت شعيب وتقريب آشنايى با وى اجابت كردند نه براى طمع] ولانه كان بين الجبال خائفا مستوحشا فاجابها فانطلقا وهى امامه فالزقت الريح ثوبها بجسدها فوصفته او كشفته عن ساقيها فقال لها امشى خلفى وانعتى الىّ الطريق فتأخرت وكانت تقول عن يمينك وشمالك وقد أمك حتى أتيا دار شعيب فبادرت المرأة الى أبيها وأخبرته فاذن له فى الدخول وشعيب يومئذ شيخ كبير وقد كف بصره فسلم موسى فرد عليه السلام وعانقه ثم أجلسه بين يديه وقدم اليه طعاما فامتنع منه وقال أخاف ان يكون هذا عوضا لما سقيته وانا اهل بيت لا نبيع ديننا بالدنيا لانه كان من بيت النبوة من أولاد يعقوب فقال شعيب لا والله يا شاب ولكن هذه عادتنا مع كل من ينزل بنا فتناول هذا وان من فعل معروفا فاهدى اليه شىء لم يحرم اخذه فَلَمَّا جاءَهُ [پس آن هنكام آمد موسى نزديك شعيب] وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ أخبره بما جرى عليه من الخبر المقصوص فانه مصدر سمى به