الأولياء والعلماء كل واحد منهم حميد بقدر ما يحمد من عقائده وأخلاقه واعماله وأقواله وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ذكره ثالثا للدلالة على كونه غنيا فان جميع المخلوقات تدل بحاجتها على غناه وبما فاض عليها من الوجود وانواع الخصائص والكمالات على كونه حميدا فلا تكرار فان كل واحد من هذه الألفاظ مقرون بفائدة جديدة وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا فى تدبير امور الكل وكل الأمور فلابد من ان يتوكل عليه لا على أحد سواء إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ اى يفنكم ويستأصلكم بالمرة وَيَأْتِ بِآخَرِينَ اى يوجد دفعة مكانكم قوما آخرين من البشر او خلقا آخرين مكان الانس ومفعول المشيئة محذوف لكونه مضمون الجزاء اى ان يشأ افناءكم وإيجاد آخرين يذهبكم يعنى ان ابقاءكم على ما أنتم عليه من العصيان انما هو لكمال غناه عن طاعتكم لا لعجزه سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ففيه تهديد للعصاة وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ اى افنائكم بالمرة وإيجاد آخرين دفعة مكانكم قَدِيراً بليغ القدر لا يعجزه مراد فاطيعوه فلا تعصوه واتقوا عقابه. والآية تدل على كمال قدرته وصبوريته حيث لا يؤاخذ العصاة على العجلة وفى الحديث (لا أحد اصبر على أذى سمعه من الله انه يشرك به ويجعل له الولد ثم هو يعافيهم ويرزقهم) يعنى يقول بعض عباد الله وامائه ان له شريكا فى ملكه وينسب له ولدا ثم الله تعالى يعطيهم من انواع النعم من العافية والرزق وغيرهما فهذا كرمه ومعاملته مع من يؤذيه فما ظنك بمعاملته مع من يحتمل الأذى منه ويثنى عليه ثم ان تأخير العقوبة يتضمن لحكم منها رجوع التائب وانقطاع حجة المصر وفى الحديث (ان الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيئ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها) . قال الشيخ الكلاباذى بسط اليد كناية عن الجود يعنى يجود الله لمسيى الليل ولمسيئ النهار بالامهال ليتوب كما روى انه عليه السلام قال (صاحب اليمين امير على صاحب الشمال وإذا عمل العبد حسنة كتب له عشر أمثالها وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين امسك فيمسك عنه سبع ساعات من النهار فان استغفر لم يكتب عليه وان لم يستغفر كتب سيئة واحدة) انتهى كلامه: قال الصائب
يقال من لم ينزجر بزواجر القرآن ولم يرغب فى الطاعات فهذا أشد قسوة من الحجارة وأسوأ حالا من الجمادات فان دعوة الله عباده بكتبه على لسان الأنبياء لئلا يغتروا بزخارف الدنيا الدنية ويترقوا من حضيض الحظوظ النفسانية الى معارج الدرجات العلى ولقد وصاك الله تعالى بالتقوى فعليك بالأخذ بالوصية فان التقوى كنز عزيز فلئن ظفرت به فكم تجد فيه من جوهر شريف وخير كثير فانه جامع الخير كله. قال ابن عطاء للتقوى ظاهر وباطن فظاهرها حفظ حدود الشرع وباطنها الإخلاص فى النية وحقيقة التقوى الاعراض عن الدنيا والعقبى والإقبال والتوجه الى الحضرة العليا فمن وصل اليه فقد صار حرا عن رقية الكونين وعبد الله تعالى: قال الحافظ قدس سره
زير بارند درختان كه تعلق دارند ... اى خوشا سرو كه از بار غم آزاد آمد