للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن زلاتهم فلهذا المعنى قال وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ولو انفضوا من حولك فات المقصود من البعثة والرسالة وهكذا ينبغى ان يكون علماء الآخرة الوارثون والمشايخ فان الناس على دين متبوعهم فى الظاهر والباطن وقلما يوجد من يتصف بالأخلاق الحسنة من المشايخ والعلماء فى هذا الزمان الا من عصمه الله وهداه الى التمسك بالشريعة والتحقق بآداب الحقيقة وهذه الحال ليست الا لواحد بعد واحد- روى- انه خلا باحنف المضروب به المثل فى الحلم رجل فسبه سبا قبيحا فقام الأحنف وهو يتبعه فلما وصل الى قومه وقف وقال يا أخي ان كان قد بقي من قولك فضلة فقل الآن ولا يسمعك قومى فتؤذى فانظر الى خلق الأحنف كيف عامل مع الرجل وجامل وقال له رجل دلنى على المروة فقال عليك بالخلق الفسيح والكف عن القبيح. قال نجم الدين الكبرى فى تأويلاته كل لين يظهر فى قلوب المؤمنين بعضهم على بعض فهو رحمة الله ونتيجة لطفه مع عباده لا من خصوصية أنفسهم فان النفس لامارة بالسوء وان كانت نفس الأنبياء عليهم السلام انتهى. وفى هذا الكلام تنبيه على ان الأنبياء وان كان سلوكهم من النفس المطمئنة الى الراضية والمرضية والصافية الى ان بلغوا مبلغ النبوة والرسالة لكن نفوسهم متصفة بالامارية كسائر الناس ولكن الله يعصمهم من مقتضاها فافهم فانه محل اعتبار وإمعان إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ النصر نوعان معونة ومنع اى ان يعنكم الله ويمنعكم من عدوكم كما فعل ذلك يوم بدر فَلا غالِبَ لَكُمْ فلا أحد يغلبكم وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ الخذلان القعود عن النصرة والإسلام للهلكة اى ان يترككم فلم ينصركم كما فعله يوم أحد فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ استفهام إنكاري مفيد لانتفاء الناصر ذاتا وصفة بطريق المبالغة مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد خذلانه وهذا تنبيه على ان الأمر كله لله ولذا امر بالتوكل عليه فقال وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ فليخصوه بالتوكل عليه لما علموا ان لا ناصر سواه وآمنوا به من قبل ومن التوكل ان لا تطلب لنفسك ناصرا غير الله تعالى ولا لرزقك خازنا غيره ولا لعلمك شاهدا غيره. وعن عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يدخل سبعون الفا من أمتي الجنة بغير حساب) قيل يا رسول الله من هم قال (هم الذين لا يكتدون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون) فقال عكاشة بن محصن يا رسول الله ادع الله ان يجعلنى منهم قال (أنت منهم) ثم قام آخر فقال يا رسول الله ادع الله ان يجعلنى منهم فقال (سبقك بها عكاشة) وقال صلى الله عليه وسلم (لو انكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا) . وعن بعضهم قال كنت فى البادية فتقدمت القافلة فرأيت قدّامى واحدا فسارعت حتى أدركته فاذا هو امرأة بيدها ركوة وعكازة تمشى على الرعدة فظننت انها أعيت فادخلت يدى فى جيبى فاخرجت عشرين درهما فقلت خذى هذه وامكثى حتى تلحقك القافلة فتكترى بها ثم ائتنى الليلة حتى أصلح أمرك فقالت بيدها هكذا فى الهواء فاذا فى كفها دنانير فقالت أنت أخذت الدراهم من الجيب وانا أخذت الدنانير من الغيب: قال الحافظ الشيرازي

برو از خانه كردون بدر ونان مطلب ... كاين سيه كاسه در آخر بكشد مهمانرا

قال القشيري حقيقة النصر ان ينصرك على نفسك فانها أعدى عدوك وهى ان يهدم عنك

<<  <  ج: ص:  >  >>