مرض قلوب المسلمين بالتوبة والاستغفار والزهد والطاعة والورع والتقوى وان ماتوا فى مرضهم فهم من اهل النجاة من النار بعد العذاب وشفاعة الأنبياء وربما يؤدى مرضهم بترك المعالجة والاحتماء الى الهلاك وهو الكفر ألا ترى الى حال بعض المسلمين من اهل مكة لما تركوا العلاج وانقطعوا عن الطبيب وهو النبي عليه السلام وما احتموا عن الغذاء المخالف وهو قولهم غر هؤلاء دينهم هلكوا مع الهالكين ظاهرا وباطنا فعلى العاقل تحصيل حسن الحال قبل حلول الاجل وهو انما يكون بصحبة واصل الى الله عز وجل والله تعالى يجود على الخلق عامة فكيف على العقلاء والعشاق: قال الحافظ
عاشق كه شد كه يار بحالش نظر نكرد ... اى خواجه درد نيست وكرنه طبيب هست
وقال آخر
مكو اصحاب دل رفتند وشهر عشق شد خالى ... جهان پر شمس تبريز است ومردى كو چومولانا
اللهم وفقنا لما تحب وترضى وسهل علينا مداواة هذه القلوب المرضى وَلَوْ تَرى يا محمد حال الكفرة اى لو رأيت فان لو تجعل المضارع ماضيا عكس ان إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ اى حين تقبض أعوان ملك الموت أرواح الكفار ببدر فالملائكة فاعل يتوفى يَضْرِبُونَ اى حال كون الملائكة يضربون بمقامع من حديد كلما ضربوا التهب النار منها وُجُوهَهُمْ اى ما اقبل من أعضائهم وَأَدْبارَهُمْ اى ما أدبر منها وَذُوقُوا اى يضربون ويقولون ذوقوا بعد السيف فى الدنيا عَذابَ الْحَرِيقِ اى العذاب المحرق الذي هو مقدمة عذاب الآخرة فهو فعيل بمعنى مفعل يقال حرقه بالنار وأحرقه وحرقه فاحترق وتحرق وجواب لو محذوف للايذان بخروجه عن حدود البيان اى لرأيت امرا فظيعا لا يكاد يوصف ذلِكَ المذكور من الضرب والعذاب واقع بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ اى بسبب ما كسبتم من الكفر والمعاصي فاليد عبارة عن النفس الدراكة عبر عنها باسم اغلب آلاتها فى اكتساب الافعال وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ محله الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف والجملة اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبلها اى والأمر انه تعالى ليس بمعذب لعبيده بغير ذنب من قبلهم فلا يجازى اهل الايمان بجهنم وعذابها وانما يجازى اهل الكفر والنفاق والارتداد بظلمهم على أنفسهم وسر التعبير عن نفى التعذيب بنفي الظلم مع ان تعذيبهم بغير ذنب ليس بظلم قطعا عند اهل السنة فضلا عن كونه ظلما بالغا قد مر فى سورة آل عمران فان قلت ظلام أخص من ظالم لانه للمبالغة المقتضية للتكثير ولا يلزم من نفى الأخص نفى الأعم قلت المراد بكثرة الظلم كثرته باعتبار كثرة متعلقه فان لفظ العبيد يدل على الكثرة فيكون ما أصابهم من الظلم كثيرا نظرا الى كثرتهم فالمنفى عن كل واحد منهم اصل الظلم. فالمعنى انه تعالى لا يظلم أحدا من عبيده وايضا انه إذا نفى الظلم الكثير انتفى القليل لان الذي يظلم انما يظلم للانتفاع بالظلم فاذا ترك كثيره مع زيادة نفعه فى حق من يجوز عليه النفع والضر كان لقليله مع قلة نفعه اترك. وايضا ان الظلام للنسبة كما فى بزاز وعطار اى لا ينسب اليه ظلم البتة كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم اى عادة كفار قريش فى كفرهم وعنادهم كعادة آل فرعون المشهورين بقباحة