ثم ان أعظم الآيات واكبر العلامات الرجال البالغون الكاملون فى الدين من ارباب الحقيقة واهل اليقين فمن وفق للقبول والتسليم وتربى بتربيتهم الحسنة الى ان يحصل على القلب السليم نجا وكان مقبلا مقبولا. ومن قابلهم بالاعراض ونازلهم بالاعتراض هلك وكان مدبرا مردودا قال بعض الكبار من عدم الانصاف ايمان الناس بما جاء من اخبار الصفات على لسان الرسل وعدم الايمان بها إذا اتى بها أحد من العلماء الوارثين لهم فان البحر واحد وإذا لم يؤمنوا بما جاءت به الأولياء فلا اقل من ان يأخذوه منهم على سبيل الحكاية وكما جاءت الأنبياء بما تحيله العقول من الصفات وآمنا به كذلك يجب الايمان بما جاء به الأولياء المحفوظون وكما سلمنا ما جاء به الأصل كذلك نسلم ما جاء به الفرغ بجامع الموافقة انتهى واما قول ابى حنيفة رضى الله عنه ما أتانا عن الرسول صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين وما أتانا عن الصحابة رضى الله عنه فنأخذ تارة ونترك اخرى وما أتانا عن التابعين فهم رجال ونحن رجال فانما هو بالنظر الى الاجتهاد الظاهر الذي يختلف فيه العلماء والاعراض فيه انتقال من الأدنى الى الأعلى بحسب الدليل الأقوى وقد يفتح الله على الطالب على لسان شيخه بعلوم لم تكن عند الشيخ لحسن أدبه مع الله ومع شيخه وسأل الأعمش أبا حنيفة عن مسائل فاجاب فقال الأعمش من اين لك هذا قال مما حدثتنا به فقال يا معشر الفقهاء أنتم الأطباء ونحن الصيادلة وهى الجماعة المنسوبة الى الصندل وهو شجر طيب الرائحة قلبت النون ياء كما يقال صندلانى وصيدلانى والمراد من يبيع مواد الادوية. ومن علامة العلم المكتسب دخوله فى ميزان العقول وعلامة العلم الموهوب ان لا يقبله ميزان الا فى النادر وترده العقول من حيث افكارها. ومن أعظم المكر بالعبد ان يرزق العلم ويحرم العمل به او يرزق العمل ويحرم الإخلاص فيه فاذا رأيت يا أخي هذا من نفسك او علمته من غيرك فاعلم ان المقبل به ممكور به فالاقبال الى الله تعالى انما هو بالإخلاص فان وجه الرياء الى الغير حفظنا الله تعالى وإياكم وَإِذا قِيلَ لَهُمْ اى للكافرين بطريق النصيحة أَنْفِقُوا على المحتاجين مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ اى بعض ما اعطاكم بطريق التفضل والانعام من انواع الأموال فان ذلك مما يرد البلاء ويدفع المكاره قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا بالصانع تعالى وهم زنادقة كانوا بمكة. والزنديق من لا يعتقد الها ولا بعثا ولا حرمة شىء من الأشياء لِلَّذِينَ آمَنُوا تهكما بهم وبما كانوا عليه من تعليق الأمور بمشيئة الله تعالى حيث كانوا يقولون لو شاء الله لاغنى فلانا ولو شاء الله لاعزه ولو شاء لكان كذا وكذا وانما حمل على التهكم لان المعطلة ينكرون الصانع فلا يكون جوابهم المذكور عن اعتقاد وجدّ أَنُطْعِمُ من أموالنا حسبما تعظوننا به: وبالفارسية [آيا طعام دهيم] اى لا نطعم فان الهمزة للانكار والطعام فى الأصل البر وقوله عليه السلام فى ماء زمزم (انه طعام طعم وشفاء سقم) فتنبيه منه انه غذاء بخلاف سائر المياه مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ اى على