ان المذنب لا يأمن العقوبة فى صفة الصبور كما يأمنها فى صفة الحليم يعنى ان الصبور يشعر بانه يعاقب فى الآخرة بخلاف الحليم كما فى المفاتيح ولعل هذا بالنسبة الى المؤمنين دون الكفار قال فى بحر العلوم الحليم مجازى اى يفعل بعباده فعل من يحلم على المسيء ولا يعاجلهم بالعقوبة مع تكاثر ذنوبهم وفى شرح الأسماء للامام الغزالي رحمه الله تعالى الحليم هو الذي يشاهد معصية العصاة ويرى مخالفة الأمر ثم لا يستفزه غضب ولا يعتريه غيظ ولا يحمله على المسارعة الى الانتقام مع غاية الاقتدار عجلة وطيش فعلى العاقل ان يتخلق بهذا الاسم بان يصفح عن الجنايات ويسامح فى المعاملات بل يجازى الاساءة بالإحسان فانه من كمالات الإنسان
بدى را بدى سهل باشد جزا ... اگر مردى احسن الى من أساء
- روى- عن بعضهم انه كان محبوسا وكان يعرض غدوة وعشية ليقتل فرأى النبي عليه السلام فى النوم فقال له اقرأ وأشار الى هذا الآية فقال كم اقرأ فقال اربعمائة مرة فقرأ فلم يذكر عشرين ليلة حتى اخرج. ولعل سره ان السموات والأرض اشارة الى الأرواح والأجساد فكما ان الله تعالى يحفظ عالم الصورة من أوجه وحضيضه فكذا يحفظ ما هو أنموذجه وهو عالم الإنسان. وايضا ان الجاني وان كان مستحقا للعقوبة لكن مقتضى الاسم الحليم ترك المعاجلة بل الصفح بالكلية ففى مداومة الآية استعطاف واستنزال للرحمة على الجسم والروح وطلب بقائهما واعلم ان التوحيد سبب لنظام العالم باسره ألا يرى انه لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الأرض الله الله اى لا يوجد من يوحد توحيدا حقيقيا فانه إذا انقرض اهل هذا التوحيد وانتقل الأمر من الظهور الى البطون يزول العالم وينتقض اجزاؤه لانه إذا يكون كجسد بلا روح والروح إذا فارق الجسد يتسارع الى الجسد البلى والفساد ففى الآية اخبار عن عظيم قدرة الله على حفظ السموات والأرض وامساكهما عن الزوال والذهاب وان الإنسان الكامل من حيث انه خليفة الله هو العماد المعنوي فيه يحفظ الله عالم الأرواح والأجسام وفى الفتوحات المكية لا بد فى كل إقليم او بلد او قرية من ولى به يحفظ الله تلك الجهة سواء كان اهل تلك الجهة مؤمنين او كفارا- يروى- ان آخر مولود فى النوع الإنساني يكون بالصين فيسرى بعد ولادته العقم فى الرجال والنساء ويدعوهم الى الله فلا يجاب فى هذه الدعوة فاذا قبضه الله وقبض مؤمنى زمانه بقي من بقي مثل البهائم لا يحلون حلالا ولا يحرمون حراما فعليهم تقوم الساعة وتخرب الدنيا وينتقل الأمر الى الآخرة
مدار نظم امور جهان انسانست ... جميع اهل جهان جسم وجان انسانست
فناى عالم صورت برحلتش مربوط ... مقام بود سما اوت كرد بأرض هبوط
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ اقسم حلف أصله من القسامة وهى ايمان تقسم على اولياء المقتول ثم صار اسما لكل حلف كما فى المفردات والضمير لمشركى مكة: والمعنى بالفارسية [وسوكند خوردند اهل مكه بخداى تعالى] جَهْدَ أَيْمانِهِمْ مصدر فى موقع الحال اى جاهدين فى ايمانهم. والجهد والجهد الطاقة والمشقة. وقيل الجهد بالفتح المشقة وبالضم الوسع والايمان