تحمل الأشياء الثقيلة ومزاولة الأعمال الشاقة وايضا لا يمكن تقييده بالأصفاد والاغلال قلنا ان أجسادهم لطيفة ولكن شفافة ولطافتها لا تنافى صلابتها بمعنى الامتناع من التفرق فلكونها لطيفة لا ترى ولكونها صلبة يمكن تقيدها وتحملها الأشياء الثقيلة ومزاولتها الأعمال الشاقة ولو سلم ان اللطافة تنافى الصلابة الا انا لا نسلم ان اللطيف الذي لا صلابة له يمتنع ان يتحمل الأشياء الثقيلة ويقدر على الأعمال الشاقة ألا ترى ان الرياح العاصفة تفعل افعالا عجيبة لا تقدر عليها جماعة من الناس وقال فى بحر العلوم والأقرب ان المراد تمثيل كفهم عن الشرور بالتقرين فى الصفد يعنى ان قولهم لا يمكن تقييده بالأصفاد والاغلال حقيقة مسلم ولكن ليس الكلام محمولا على حقيقته لانهم لما كانوا مسخرين مذللين لطاعته عليه السلام بتسخير الله إياهم له كان قادرا على كفهم عن الإضرار بالخلق فشبه كفهم عن ذلك بالتقرين فى الأصفاد فاطلق على الكف المذكور لفظ التقرين استعارة اصلية ثم اشتق من التقرين يعنى المعنى المجازى لفظ مقرنين فهو استعارة تبعية بمعنى ممنوعين عن الشرور وفى الاسئلة المقحمة الجن أجسام مؤلفة واشخاص ممثلة ولا دليل يقضى بان تلك الأجسام لطيفة او كثيفة بل يجوز ان تكون لطيفة وان تكون كثيفة وانما لا نراهم لا للطافتهم كما يزعمه المعتزلة ولكن لان الله تعالى لا يخلق فينا إدراكا لهم انتهى قال القاضي ابو بكر الأصل الذي خلقوا منه هى النار ولسنا ننكر مع ذلك ان يكثفهم الله تعالى ويغلظ أجسامهم ويخلق لهم إعراضا زائدة على ما فى النار فيخرجون عن كونهم نارا ويخلق لهم صورا وأشكالا مختلفة فيجوز ان نراهم إذا قوى الله أبصارنا كما يجوز ان نراهم لو كثف الله أجسامهم قال القاضي عبد الجبار ان الله تعالى كثفهم لسليمان حتى كان الناس يرونهم وقواهم حتى كانوا يعملون له الأعمال الشاقة والمقرّن فى الأصفاد لا يكون الا جسما كثيفا واما أقداره عليهم وتكثيفهم فى غير ازمان الأنبياء فانه غير جائز لانه يؤدى الى ان يكون نقضا للعادة كما فى آكام المرجان فى احكام الجان وقال بعضهم ان الشياطين كانوا يشاهدون فى زمن سليمان ثم انه لما توفى أمات الله أولئك الشياطين وخلق نوعا آخر فى غاية الرقة واللطافة وفيه ان الشياطين منظرون فكيف يموتون الى ان يختص الانظار بإبليس او الا ان يحمل الشياطين على كفار الجن فانهم ماردون ايضا- روى- ان الله تعالى أجاب دعاء سليمان بان سخر له ما لم يسخره لاحد من الملوك وهو الرياح والشياطين والطير وسخر له من الملوك ما لم يتيسر لغيره مثل ذلك فانه روى انه ورث ملك أبيه داود فى عصر كيخسرو بن سياوش وسار من الشام الى العراق فبلغ خبره الى كيخسرو فهرب الى خراسان فلم يلبث قليلا حتى هلك ثم سار الى مرو ثم سار الى بلاد الترك فوغل فيها ثم جاز بلاد الصين ثم عطف الى ان وافى بلاد فارس فنزلها أياما ثم عاد الى الشام ثم امر ببناء بيت المقدس فلما فرغ منه سار الى تهامة ثم الى صنعاء وكان من حديثه مع صاحبة صنعاء وهى بلقيس ما ذكره الله تعالى فى كتابه الكريم وغزا بلاد المغرب الأندلس وطنجة وافرنجة ونواحيها هذا اى فسخرنا وقلنا له هذا الذي أعطيناك من الملك العظيم والبسطة والتسلط على ما لم يسلط