قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ الفلق الصبح لانه يفلق عنه الليل ويفرق فهو من باب الحذف والإيصال فعل بمعنى مفعول كالصمد والقبض بمعنى المصمود اليه والمقبوض كمامر فان كل واحد من المفلوق والمفلوق عنه مفعول وذلك انما يتحقق بأن يكون الشيء مستورا ومحجوبا بآخر ثم يشقق الحجاب الساتر عن وجه المستور ويزول فيظهر ذلك المستور وينكشف بسبب زواله وذلك الحجاب المشقق مفلوق والمحجوب المنكشف بزواله مفلوق عنه والصبح صار مفلوقا عنه بازالة ما عليه من ظلمة الليل يقال فى المثل هو أبين من فلق الصبح والفلق ايضا الخلق لان الممكنات بأسرها كانت أعيانا ثابتة فى علم الله مستورة تحت ظلمة العدم فالله تعالى فلق تلك الظلمات بنور التكوين والإيجاد فاظهر ما فى علمه من المكونات فصارت مفلوقا عنها وفى تعليق العياذ باسم الرب المضاف الى الفلق المنبئ عن النور عقيب الظلمة والسعة بعد الضيق والفتق بعد الرتق عدة كريمة باعادة العائد مما يعوذ منه وانجائه منه وتقوية لرجائه لتذكير بعض نظائره ومزيد ترغيب له فى الجد والاعتناء بقرع باب الالتجاء اليه والاعاذة بربه قالوا إذا طلع الصبح تتبدل الثقلة بالخفة والغم بالسرور روى ان يوسف عليه السلام لما ألقى فى الجب وجعت ركبته وجعا شديدا فبات ليلته ساهرا فلما قرب طلوع الصبح نزل جبريل بإذن الله تعالى يسأله ويأمره بان يدعو ربه فقال يا جبريل ادع أنت وأؤمن فدعا جبريل وأمن يوسف عليهما السلام فكشف الله تعالى ما كان به من الضر فلما طاب وقت يوسف قال با جبريل وانا ادعو ايضا وتؤمن أنت فسأل يوسف ربه ان يكشف الضر عن جميع أهل البلاء فى ذلك الوقت فلا جرم ما من مريض إلا ويجد نوع خفة فى آخر الليل وعن بعض الصحابة رضى الله عنهم انه قدم الشام فرأى دور أهل الذمة وما هم فيه من خفض العيش وما وسع عليهم به من دنياهم فقال لا أبالى أليس من ورائهم الفلق فقيل وما الفلق قال بيت فى جهنم إذا فتح صاح جميع أهل النار مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ اى من شر ما خلقه من الثقلين وغيرهم كائنا ما كان من ذوات الطبائع والاختيار وبالفارسية از بدى آنچهـ آفريد است از مؤذيات انس وجن وسباع وهوام.
فيشمل جميع الشرور والمضار بدنية كانت او غيرها من ضرب وقتل وشتم وعض ولدغ وسحر ونحوها واضافة الشر اليه لاختصاصه بعالم الخلق المؤسس على امتزاج المواد المتباينة وتفاعل كيفياتها المتضادة المستنبعة للكون والفساد واما عالم الأمر فهو خير محض منزه عن شوآئب الشر بالكلية وقرأ بعض المعتزلة القائلين بأن الله لم يخلق الشر من شر بالتنوين ما خلق على النفي وهى قراء مردودة مبنية على مذهب باطل الله خالق كل شىء وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ تخصيص لبعض الشرور بالذكر مع اندراجه فيما قبله لزيادة مساس الحاجة الى الاستعاذة منه لكثرة وقوعه ولان تعيين المستعاذ ادل على الاعتناء بالاستعاذة