والاشارة فى الآية وَاتَّقُوا يا ايها الواصلون فِتْنَةً يعنى ابتلاء النفوس بشىء من حظوظها الدنيوية والاخروية لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً يعنى لا تصيب تلك الفتنة النفوس الظالمة فقط بل تصيب ظلمتها الأرواح النورانية والقلوب الربانية فتجتذبها من حظائر القدس ورياض الانس الى حضائض صفات الانس كما قال تعالى سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ فيعاقب الواصلين بالانقطاع والاستدراج عند الالتفات الى ما سواه كذا فى التأويلات النجمية وَاذْكُرُوا ايها المهاجرون إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ اى وقت كونكم قليلا فى العدد مُسْتَضْعَفُونَ خبر ثان اى مقهورون تحت أيدي قريش فِي الْأَرْضِ اى ارض مكة تَخافُونَ خبر ثالث أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ التخطف الاخذ والاستلاب بسرعة وهم كانوا يخافون ان يخرجوا من مكة حذرا من ان يستلبهم كفار قريش ويدهبوا بهم فَآواكُمْ اى جعل لكم مأوى ترجعون اليه وهو المدينة دار الهجرة وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ على الكفار وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ من الغنائم التي لم تكن حلالا للامم السالفة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ هذه النعم قال الجنيد قدس سره كنت عند السرى وانا ابن سبع سنين وبين يديه جماعة يتكلمون فى الشكر فقال لى يا غلام ما الشكر فقلت ان لا تعصى الله بنعمه فقال يوشك ان يكون حظك من الله لسانك فلا أزال ابكى على هذه الكلمة واعلم ان الدولة العثمانية التي هى آخر الدول الاسلامية كانت على الضعف فى الأوائل وأهلها قليلون مستضعفون تحت أيدي فارس والروم حتى قوّاهم الله بالعدد والعدد ونصرهم على أعدائهم فكانوا يستفتحون من مشارق الأرض ومغاربها ويأوون الى الأماكن فى الأقطار الى ان آل الأمر الى ما آل فكل ذلك نعم جسيمة وستعود هذه الحال الى ما كانت عليه فى الابتداء فان الإسلام بدا غريبا وسيعود غريبا وما ذلك الا بالغرور والكفران وادعاء الاستحقاق من غير برهان:
قال السعدي قدس سره
ترا آنكه چشم ودهان داد وكوش ... اگر عاقلى در خلافش مكوش
مكن كردن از شكر منعم مپيچ ... كه روزى پسين سر بر آرى بهيچ
ثم اعلم ان الروح والقلب فى بدء الخلقة وتعلقهما بالقالب وكذا صفاتهما مستضعفون من غلبات النفس لاعواز التربية بألبان آداب الطريقة وانعدام جريان احكام الشريعة عليهم الى أوان البلوغ والتربية فى هذه المدة للنفس وصفاتها لاستحكام القالب لحمل أعباء تكاليف الشريعة وهما اعنى الروح والقلب يخافون ان تستلبهم النفس وصفاتها ويغتالهم الشيطان وأعوانه فآواكم الى حظائر القدس وأيدكم بنصره بالواردات الربانية وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ اى من المواهب الطاهرة من لوث الحدوث لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ فتستحقون المزيد
شكر نعمت نعمتت افزون كند ... كفر نعمت از كفت بيرون كند
والعمدة قلة الاكل وكثرة الشكر والطاعة. ويقال اربع فى الطعام فريضة. ان لا يأكل إلا من الحلال. وان يعلم انه من الله تعالى. وان يكون راضيا. وان لا يعصى الله ما دامت قوة ذلك الطعام فيه. واربع سنة. ان يسمى الله فى الابتداء. وان يحمد الله فى الانتهاء. وان يغسل يديه قبل الطعام