للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبأى حركة تحرك كان معذورا فيها فليس حال اهل البداية والتوسط كحال اهل النهاية فان ما يقدر عليه اهل النهاية لا يقدر عليه من دونهم وكأن الاصحاب رضى الله عنهم ومن فى حكمهم ممن جاء بعدهم راعوا الأدب فى كل حال ومقام بقوة تمكينهم بل لشدة تلوينهم فى تمكينهم فلا يقاس عليهم من ليس له هذا التمكين فرب اهل تلوين يفعل ما لا يفعله اهل التمكين وهو معذور فى ذلك لكونه مغلوب الحال ومسلوب الاختيار فليجتهد العاقل فى طريق الحق بلا رياء ودعوى وليلازم الأدب فى كل امر متعلق بفتوى او تقوى وليحافظ على ظاهره وباطنه من الشين ومما يورث الرين والغين أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ الهمزة للانكار والفاء للعطف على محذوف ومن شرطية والخبر محذوف. والاتقاء بالفارسية [حذر كردن وخود را نكاه داشتن] يقال اتقى فلان بكذا إذا جعله وقاية لنفسه والتركيب يدل على دفع شىء عن شىء يضره وتقدير الكلام أكل الناس سواء فمن شأنه وهو الكافر ان يقى نفسه بوجهه الذي هو اشرف أعضائه سُوءَ الْعَذابِ اى العذاب السيّء الشديد: يعنى [زبانه آتش] كما فى تفسير الفارسي للكاشفى يَوْمَ الْقِيامَةِ لكون يده التي بها كان يتقى المكاره والمخاوف مغلولة الى عنقه كمن هو آمن وهو المؤمن لا يعتريه مكروه ولا يحتاج الى الاتقاء بوجه من الوجوه وفى التأويلات النجمية (أَفَمَنْ يَتَّقِي) توجه (بِوَجْهِهِ) لله (سُوءَ الْعَذابِ) اى عذاب السيّء (يَوْمَ الْقِيامَةِ) ويدفعه به عن نفسه كمن لا يتقى ويظلم على نفسه وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ الذين وضعوا الكفر موضع الايمان والتكذيب موضع التصديق والعصيان موضع الطاعة وهو عطف على يتقى اى ويقال لهم من جهة خزنة النار. وصيغة الماضي للدلالة على التحقيق ووضع المظهر فى مقام المضمر للتسجيل عليهم بالظلم والاشعار بعلة الأمر فى قوله ذُوقُوا [بچشيد] ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ اى وبال ما كنتم تكسبونه فى الدنيا على الدوام من الكفر والتكذيب والمعاصي وفى التأويلات النجمية اى ذوقوا ما كسبتم بأفعالكم الرديئة وأخلاقكم الدنيئة يعنى كنتم فى عين العذاب ولكن ما كنتم تجدون ذوقه لغلبة نوم الغفلة فاذا متم انتبهتم كَذَّبَ الَّذِينَ من الأمم السابقة الذين جاؤا مِنْ قَبْلِهِمْ اى من قبل كفار مكة يعنى كذبوا أنبياءهم كما كذبك قومك فَأَتاهُمُ الْعَذابُ المقدر لكل امة منهم: وبالفارسية [پس آمد بديشان عذاب الهى] مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ من الجهة التي لا يحتسبون ولا يخطر ببالهم إتيان العذاب والشر منها بينا هم آمنون رافهون إذ فوجئوا من مأمنهم فمعنى من حيث لا يشعرون أتاهم العذاب وهم آمنون فى أنفسهم غافلون عن العذاب. وقيل معناه لا يعرفون له مدفعا ولا مردا وفى التأويلات النجمية اى أتاهم العذاب فى صورة الصحة والنعمة والسرور وهم لا يشعرون انه العذاب وأشد العذاب ما يكون غير متوقع فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ اى الذل والصغار: وبالفارسية [پس بچشانيده ايشانرا خداى تعالى خوراى ورسوايى] يعنى أحسوا به احساس الذائق المطعوم فِي الْحَياةِ الدُّنْيا بيان لمكان اذاقة الخزي وذلك الخزي كالمسخ والخسف والغرق والقتل والسبي والاجلاء ونحو ذلك من فنون النكال وهو العذاب الأدنى وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ المعد لهم أَكْبَرُ من العذاب الدنيا لشدته ودوامه لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ اى لو كان من شأنهم ان

<<  <  ج: ص:  >  >>