لا ينتقص ولا يتفاوت كظل ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس والعرب تقول للشيء الذي لا ينقطع ممدود وفي الحديث (فى الحنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها) وعن ابن عباس رضى الله عنهما شجرة في الجنة على ساق يخرج إليها اهل الجنة فيتحدثون فى أصلها ويتذكر بعضهم ويشتهى لهو الدنيا فيرسل الله ريحا من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا وقال في كشف الاسرار ويحتمل ان الظل عبارة عن الحفظ تقول فلان في ظل فلان اى في كنفه لانه لا شمس هناك انتهى يقول الفقير بل المراد منه الراحة كما في قوله تعالى وندخلهم ظلا ظليلا لانه انما يجلس المرء في الظل للاستراحة وكانت العرب يرغبون فيه لقلته في بلادهم وغلبة حرارة الشمس ومنه قوله عليه السلام السلطان ظل الله في ارضه يأوى اليه كل مظلوم اى يستريح عند عدله ومنه قولهم مد الله ظلاله اى ظلال عدله ورأفته حتى يصل اثر الاستراحة الى الناس كلهم وَماءٍ مَسْكُوبٍ يسكب لهم ويصب أينما شاؤا وكيفما أرادوا بلا تعب او مصبوب سائل يجرى على الأرض في غير أخدود لا ينقطع يعنى كون الماء مسكوبا كثيرا اما عبارة عن كونه ظاهرا مكشوفا غير مختص ببعض الأماكن والكيفيات او عن كونه جاريا واكثر ماء العرب من الآبار والبرك فلا ينسكب فلا يصلون الى الماء الا بالدلو والرشاء فوعدوا بالماء الكثير الجاري حتى يجرى فى الهولء على حسب الاشتهاء كأنه مثل حال السابقين بأقصى ما يتصور لأهل المدن وحال اصحاب اليمين بأكمل ما يتصور لأهل البواد إيذانا بالتفاوت بين الحالين فكما ان بينهما تفاوتا فكذا بين حاليهما وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ بحسب الأنواع والأجناس لا مَقْطُوعَةٍ فى وقت من الأوقات كفواكه الدنيا وَلا مَمْنُوعَةٍ عن متناوليها بوجه من الوجوه كبعد المتناول وانعدام ثمن يشترى به وشوك في الشجر يؤذى من يقصد تناولها وحائط يمنع الدخول ونحوها من المحظورات وفي الحديث ما قطعت ثمرة من ثمار الجنة الا أبدل الله مكانها ضعفين وَفُرُشٍ جمع فراش وهو ما يبسط ويفرش اى هم في بسط مَرْفُوعَةٍ اى رفيعة القدر أو مرتفعة وارتفاعها كما بين السماء والأرض وهو مسيرة خمسمائة عام او مرفوعة على الاسرة وقيل الفرش هى النساء حيث يكنى بالفراش وباللباس والإزار عن المرأة وفي الحديث (الولد للفراش) فسمى المرأة فراشا وارتفاعها كونهن على الأرائك دل عليه قوله تعالى إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً وعلى الاول أضمر هن لدلالة ذكر الفرش التي هى المضاجع عليهن دلالة بينة والمعنى ابتدأنا خلقهن ابتداء جديدا من غير ولاد ابداء وإعادة اما الإبداء فكما في الحور لانهن انشأهن الله في الجنة من غير ولادة واما الاعادة فكما فى نساء الدنيا المقبوضة عجائز وفي الحديث (هن اللواتى قبض في دار الدنيا عجائز شمطا) جمع شمطاء والشمط بياض شعر الرأس يخالطه سواد (رمصا) جمع رمصاء والرمص بالتحريك وسخ يجتمع في الموق جعلهن الله تعالى بعد الكبر أترابا على ميلاد واحد فى الاستواء كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا فلما سمعت عائشة رضى الله عنها ذلك قالت وأوجعاه فقال عليه السلام ليس هناك وجع وقد فعل الله في الدنيا بزكريا عليه السلام