للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويؤيده ما فى القصص من ان يعقوب قال لهم يا بنى قدموا احمالكم لا دعو لكم فيها بالبركة فقدموا أحمالهم وفتحوها بين يديه فرأوا بضاعتهم فى رؤس أحمالهم فقالوا عند ذلك يا أَبانا ما نَبْغِي ما استفهامية منصوبة بنبغي وهو من البغي بمعنى الطلب اى أي شىء نطلب وراء هذا من الإحسان هذِهِ بِضاعَتُنا [اينست بضاعت ما كه غله بدين بضاعت بما فروخته اند] رُدَّتْ إِلَيْنا اى حال كونها مردودة إلينا تفضلا من حيث لا ندرى بعد ما من علينا بالمنن العظام هل من مزيد على هذا فنطلبه أرادوا الاكتفاء به فى استيجاب الامتثال لامره والالتجاء اليه فى استجلاب المزيد وَنَمِيرُ أَهْلَنا اى نجلب إليهم الطعام من عند الملك وهو معطوف على مقدر اى ردت إلينا فنستظهر بها ونمير أهلنا فى رجوعنا الى الملك يقال مار اهله يميرهم ميرا إذا أتاهم بالميرة وهى الطعام المجلوب من بلد الى بلد ومثله امتار وَنَحْفَظُ أَخانا من الجوع والعطش وسائر المكاره وَنَزْدادُ [وزياده بستانيم بواسطه او] كَيْلَ بَعِيرٍ اى حمل بعير يكال لنا من أجل أخينا لانه كان يعطى باسم كل رجل حمل بعير كأنه قيل أي حاجة الى الازدياد فقيل ذلِكَ اى ما يحمله اباعرنا كَيْلٌ يَسِيرٌ اى مكيل قليل لا يقوم باودنا اى قوتنا قالَ ابو هم لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ بعد ما عاينت منكم ما عاينت حَتَّى تُؤْتُونِ [تا بدهيد مرا] مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ اى عهدا موثوقا به اى معتمدا مؤكدا بالحلف وذكر الله وهو مصدر ميمى بمعنى الثقة استعمل فى الآية بمعنى اسم المفعول اى الموثوق به وانما جعله موثقا منه تعالى لان توكيد العهود به مأذون فيه من جهته تعالى فهو اذن منه تعالى لَتَأْتُنَّنِي بِهِ جواب القسم إذا المعنى حتى تحلفوا بالله لتأتننى به فى كل الأوقات إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ إلا وقت الإحاطة بكم وكونهم محاطا بهم اما كناية عن كونهم مغلوبين مقهورين بحيث لا يقدرون على إتيانه البتة او عن هلاكهم وموتهم جميعا وأصله من العدو فان من أحاط به العدو يصير مغلوبا عاجزا عن تنفيذ مراده او هالكا بالكلية ولقد صدقت هذه القصة المثل السائر وهو قولهم البلاء موكل بالمنطق فان يعقوب عليه السلام قال اولا فى حق يوسف وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ فابتلى من ناحية هذا القول حيث قالوا أكله الذئب وقال هاهنا لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فابتلى ايضا بذلك واحيط بهم وغلبوا عليه كما سيأتى قال الكاشفى [در تبيان فرموده كه او را بشما ندهم تا سوگند خوريد بحق محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وسيد المرسلين ايشان قبول نموده بمنزلت حضرت پيغمبر ما سوگند خوردند كه در مهم بنيامين غدر نكنند] فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ عهدهم من الله حسبما أراد يعقوب قالَ اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ اى على ما قلنا فى أثناء طلب الموثق وايتائه من الجانبين وكيل مطلع رقيب يريد به عرض ثقته بالله وحثهم على مراعاة ميثاقهم وفيه اشارة الى ان التوكل بعد التوكيد كقوله تعالى فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وفى الكواشي فى قول يعقوب لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ الآية دليل على جواز التعلق بالأسباب الظاهرة مع صحة التوكل: وفى المثنوى

گر توكل ميكنى در كار كن ... كشت كن پس تكيه بر جبار كن

فينبغى للانسان ان يجمع بين رعاية الأسباب المعتبرة فى هذا العالم وبين ان لا يعتمد عليها وان

<<  <  ج: ص:  >  >>