عملا صالِحاً حسبما تقضيه تلك الآيات إِنَّا مُوقِنُونَ الآن: يعنى [بي كمانيم] قال فى الإرشاد ادعاء منهم لصحة الافئدة والاقتدار على فهم معانى الآيات والعمل بموجبها كما ان ما قبله ادعاء لصحة مشعرى البصر والسمع كأنهم قالوا أيقنا وكنا من قبل لا نعقل شيأ أصلا وجواب لو محذوف اى لرأيت امرا فظيعا فهذا الأمر مستقبل فى التحقيق ماض بحسب التأويل كأنه قيل قد انقضى الأمر ومضى لكنك ما رأيته ولو رأيته لرأيت امرا فظيعا وفى التأويلات النجمية يشير الى اهل الدنيا من المجرمين وكان جرمهم انهم نكسوا رؤسهم فى أسفل الدنيا وشهواتها بعد ان خلقوا رافعى رؤسهم عند ربهم يوم الميثاق عند استماع خطاب ألست بربكم حيث رفعوا رؤسهم وقالوا بلى فلما ابتلوا بالدنيا وشهواتها وتزيينها من الشيطان نكسوا رؤسهم بالطبع فيها فصاروا كالبهائم والانعام فى طلب شهوات الدنيا كما قال تعالى (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ)
لان للانعام ضلالة طبيعية جبلية فى طلب شهوات الدنيا وما كانوا مأمورين بعبودية الله ولا منهيين عن الشهوات حتى يحصل لهم ضلالة مخالفة للامر والنهى وللانسان شركة مع الانعام فى الضلالة الطبيعية بميل النفس الى الدنيا وشهواتها وله اختصاص بضلالة المخالفة فلهذا صار أضل من الانعام فكما عاشوا ناكسى رؤسهم الى شهوات الدنيا ماتوا فيما عاشوا فيه ثم حشروا على ما ماتوا عليه ناكسى رؤسهم عند ربهم وقد ملكتهم الدهشة وغلبتهم الخجلة فاعتذروا حين لا عذر واعترفوا حين لا اعتراف
سر از جيب غفلت بر آور كنون ... كه فردا نماند بخجلت نكون
كنونت كه چشمست اشكى ببار ... زبان در دهانست عذرى بيار
نه پيوسته باشد روان در بدن ... نه همواره كردد زبان در دهن
وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها مقدر بقول معطوف على ما قدر قبل قوله ربنا أبصرنا اى ونقول لو شئنا اى لو تعلقت مشيئتنا تعلقا فعليا بان نعطى كل نفس من النفوس البرّة والفاجرة ما تهتدى به الى الايمان والعمل الصالح بالتوفيق لهما لا عطيناها إياه فى الدنيا التي هى دار الكسب وما أخرناه الى دار الجزاء وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي ثبت قضائى وسبق وعيدى وهو لَأَمْلَأَنَّ [ناچار پركنيم] جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ بالكسر جماعة الجن والمراد الشياطين وكفار الجن وَالنَّاسِ الذين اتبعوا إبليس فى الكفر والمعاصي أَجْمَعِينَ يستعمل لتأكيد الاجتماع على الأمر وقال بعضهم (وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي) اى سبقت كلمتى حيث قلت لابليس عند قوله (لَأُغْوِيَنَّهُمْ) الآية (لَأَمْلَأَنَّ) إلخ وفى التأويلات (وَلَوْ شِئْنا) فى الأزل هدايتكم وهداية اهل الضلالة (لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) باصابة رشاش النور على الأرواح (وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي) قبل وجود آدم وإبليس (لَأَمْلَأَنَّ) إلخ ولكن تعلقت المشيئة باغواء قوم كما تعلقت باهداء قوم وأردنا ان يكون للنار قطان كما أردنا ان يكون للجنة سكان إظهارا لصفات لطفنا وصفات قهرنا لان الجنة وأهلها مظهر لصفات لطفى والنار وأهلها مظهر لصفات قهرى وانى فعال لما أريد وفى عرائس البيان ان جهنم فم قهره انفتح ليأخذ نصيبه ممن له استعداد مباشرة القهر كما ان الجنة فم لطفه انفتح ليأخذ نصيبه ممن له