ريع الأرض للزيادة والارتفاع الحاصل منها آيَةً بناء عاليا متميزا عن سائر الابنية حال كونكم تَعْبَثُونَ ببنائه فان بناء ما لا ضرورة فيه وما كان فوق الحاجة عبث- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فرأى قبة مشرفة فقال (ما هذِهِ) قال له أصحابه هذه لرجل من الأنصار فمكث وحملها فى نفسه حتى إذا جاء صاحبها رسول الله فسلم فى الناس اعرض عنه وصنع به ذلك مرارا حتى عرف الرجل الغضب فيه والاعراض عنه فشكا ذلك الى أصحابه فقال والله انى لانكر نظر رسول الله ما أدرى ما حدث فىّ وما صنعت قالوا خرج رسول الله فرأى قبتك فقال لمن هذه فاخبرناه فرجع الى قبته فسواها بالأرض فخرج النبي عليه السلام ذات يوم فلم ير القبة فقال (ما فعلت القبة التي كانت هاهنا) قالوا شكا إلينا صاحبها اعراضك عنه فاخبرناه فهدمها فقال (ان كل بناء يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة الا ما لا بد منه) هذا ما عليه الامام الراغب وصاحب كشف الاسرار وغيرهما وقال فى الجلالين ونحوه (آيَةً) يعنى ابنية الحمام وبروجها: وبالفارسية [كبوتر خانها] أنكر هود عليهم اتخاذهم بروج الحمام عبثا ولعبهم بها كالصبيان قال فى نصاب الاحتساب من اللعب الذي يحتسب بسببه اللعب بالحمام قال محمد السفلة من يلعب بالحمام ويقامر وفى شرح القهستاني ولا بأس بحبس الطيور والدجاج فى بيته ولكن يعلفها وهو خير من إرسالها فى السكك. واما إمساك الحمامات فى برجها فمكروه إذا أضر بالناس وقال ابن مقاتل يجب على صاحبها ان يحفظها ويعلفها انتهى وفى التتارخانية ولا يجوز حبس البلبل والطوطى والقمري ونحوها فى القفص اى إذا كان الحبس لاجل اللهو واللعب. واما إذا كان لاجل الانتفاع كحبس الدجاج والبط والإوز ونحوها لتسمن او لئلا تضر بالجيران فهو جائز وكذا حبس سباع الطيور لاجل الاصطياد وفى فتاوى قارئ الهداية هل يجوز حبس الطيور المغردة وهل يجوز اعتاقها وهل فى ذلك ثواب وهل يجوز قتل الوطاويط لتلويثها حصير المسجد بخرئها الفاحش أجاب يجوز حبسها للاستئناس بها. واما اعتاقها فليس فيه ثواب وقتل المؤذى من الدواب يجوز انتهى وفى الحديث (لا تحضر الملائكة شيأ من الملاهي سوى النضال والرهان) اى المسابقة بالرمي والفرس والإبل والأرجل وقال بعضهم فى الآية تعبثون بمن مرّ بكم لانهم كانوا يبنون الغرف فى الأماكن العالية ليشرفوا على المارة فيسخرون منهم ويعبثون بهم. وذهب بعض من عدّ من اجلاء المفسرين الى ان المعنى (آيَةً) اى علامة للمارة تعبثون ببنائها فانهم كانوا يبنون اعلاما طوالا لاهتداء المارة فعد ذلك عبثا لاستغنائهم عنها بالنجوم قال سعدى المفتى فيه بحث إذ لا نجوم بالنهار وقد يحدث فى الليل ما يستر النجوم من الغيوم انتهى يقول الفقير وايضا ان تلك الاعلام إذا كانت لزيادة الانتفاع بها كالاميال بين بغداد ومكة مثلا كيف تكون عبثا فالاهتداء بالنهار اما بالاعلام واما بشم التراب كما سبق فى الجلد الاول وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ امكنة شريفة كما فى المفردات او مآخذ الماء تحت الأرض كما فى الصحاح والقاموس. المصنعة بفتح الميم وضم النون وفتحها كالحوض يجمع فيها ماء المطر وجمعها المصانع اى الحياض العظيمة لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ راجين ان تخلدوا فى الدنيا اى عاملين عمل من يرجو ذلك فلذلك تحكمون بناءها فلعل للتشبيه