يا من لم يشرب وتنعم يا من لم يتنعم وقال بعض الأخيار رأيت الشيخ أبا إسحاق ابراهيم بن على ابن يوسف الشيرازي رحمه الله فى المنام بعد وفاته وعليه ثياب بيض وعلى رأسه تاج فقلت له ما هذا البياض فقال شرف الطاعة قلت والتاج قال عز العلم فعلم من هذا المذكور ان من عمل صالحا لا بد ان يصل اليه جزاء عمله وان الجزاء من جنس العمل وانه يختلف بحسب اختلاف حال العامل فعلى العاقل المبادرة الى الأعمال الصالحة والصبر على مشاق الطاعات الى ان يجيئ وعد الله تعالى قال الحافظ
صبر كن حافظ بسختى روز وشب ... عاقبت روزى بيابى كام را
فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ اى أردت قراءته عبر عن الارادة بالقراءة على طريقة اطلاق اسم المسبب على السبب إيذانا بان المراد هى الارادة المتصلة بالقراءة فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ اى فاسأله تعالى ان يعيذك ويحفظك مِنَ الشَّيْطانِ البعيد عن الخير الرَّجِيمِ المرجوم بالطرد واللعن اى من وساوسه وخطراته كيلا يوسوسك عند القرآن فان ناصية كل مخلوق بيده او قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وهو المختار من الروايات الأربع عشرة الواردة فى ألفاظ الاستعاذة كما فى تفسير خواجه پارسا قدس سره إِنَّهُ اى الشيطان او الشان لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ تسلط وولاية عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ على اولياء الله المؤمنين به والمتوكلين عليه فان وسوسته لا توثر فيهم لما امر القارئ بان يسأل الله تعالى ان يعيذه من وساوسه وتوهم منه ان له تسلطا وولاية على إغواء بنى آدم كلهم بين الله تعالى ان لا تسلط له على المؤمنين المتوكلين فقوله انه إلخ فى معرض التعليل للامر باللاستعاذة واشارة الى ان مجرد القول لا ينفع بل لا بد لمن أراد ان لا يكون للشيطان سبيل عليه ان يجمع بين الايمان والتوكل إِنَّما سُلْطانُهُ اى تسلطه وغلبته بدعوته المستتبعة للاستجابة لا سلطانه بالقسر والإلجاء فانه منتف عن الفريقين لقوله تعالى حكاية عنه وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي وقد افصح عنه قوله تعالى عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ اى يتخذونه وليا ويستجيبون دعوته ويطيعونه فان المقسور بمعزل عن ذلك كذا فى الإرشاد وهو جواب عما قال السمرقندي فى تفسيره من ان فى بناء الكلام على الحصر والاختصاص ردا للشيطان فى قوله للكفرة فى جهنم وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ وتكذيباله انتهى وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ سبحانه وتعالى مُشْرِكُونَ مثبتون الشريك فى الالوهية او بسبب الشيطان إذ هو الذي حملهم على الإشراك بالله قال فى التأويلات النجمية الخطاب فى هذه الآية مع الامة وان خص النبي صلى الله عليه وسلم لان الشيطان كان يفر من ظل عمر رضى الله عنه وهو أحد تابعيه فكيف يقدر على ان يدور اليه سيما اسلم شيطانه على يده صلى الله عليه وسلم يدل عليه قوله (انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون) يعنى سلطان نور الايمان والتوكل غالب على سلطان وسوسة الشيطان فاذا كان هذا حال الامة مع الشيطان فكيف يكون حال النبوة معه فثبت ان المراد بالخطاب الامة وانما خص النبي صلى الله عليه وسلم به لتعتبر الامة وتتنبه ان مثل النبي صلى الله عليه وسلم مهما