يكن مأمورا بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فتكون الامة بها اولى وأحق قال بعضهم هل المراد كل شيطان او القرين فقط الظاهر انه فى حقنا القرين قال الله تعالى وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وفى حق رسول الله صلى الله عليه وسلم إبليس اما نحن فلان الإنسان لا يؤذيه من الشياطين الا ما قرن به وما بعد فلا يضره شيأ والعاقل لا يستعيذ ممن لا يؤذيه واما الرسول صلى الله عليه وسلم فان قريته لما اسلم تعين ان يكون الاستعاذة من إبليس او أكابر جنوده وتخصيص الاستعاذة بالله عند قراءة القرآن من الشيطان الرجيم لمعان وفوائد أولها كى يتذكر القارئ واقعة الشيطان وبتفكر فى امره انه انما صار شيطانا رجيما بعد ان كان ملكا كريما لانه فسق عن امر ربه وخالفه وابى ان يسجد لآدم واستكبر وكان من الكافرين اى فصار من الكافرين فيتنبه بذلك عند قراءة القرآن ويصفى نيته قبل القراءة على ان يأتمر بما امره الله فى القرآن وينتهى عما نهاه عنه احترازا عن المخالفة
فان فيها الطرد واللعن والرجم والفسق والكفر وانها مظنة للخلود فى النار وثانيها لان العبد لا يخلو من حديث النفس وهواجسها ومن إلقاء الشيطان ووساوسه وقلبه لا بد يتشوش بذلك فلا يجد حلاوة كلام الله فامر بالاستعاذة وتزكيته للنفس عن هواجسها وتصفيته للقلب عن وساوس الشيطان ليتجلى بنور القرآن فان التجلية تكون بعد التزكية والتصفية وثالثها لان فى كل كلمة من كلمات القرآن لله تعالى إشارات ومعانى وحقائق لا يفهمها الا قلب مطهر عن تلوثات الهواجس والوساوس معطر بطيب أنفاس الحق وذلك مودع فى الاستعاذة بالله فامر بها لحصول الفهم- وروى- جبير بن مطعم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فقال (الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من نفخه ونفثه وهمزه) قال ابن مسعود رضى الله عنه نفخه الكبر ونفثه الشعر وهمزه الموتة يعنى الجنون وفى قوله إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ الآية اشارة الى ان تصرف الشيطان وقدرته بالإغواء والإضلال على الإنسان انما ينقطع بقدر نور الايمان وقوة التوكل فمهما يكمل الايمان والتوكل يكون المؤمن زاهدا عن الدنيا راغبا فى الآخرة متبتلا الى الله تعالى فلا يبقى للشيطان عليه سلطان فى إضلاله واغوائه ولكن يأول امره الى الوسوسة وفيها صلاح المؤمن فان إبريز اخلاص قلبه عن غش صفات نفسه لا يتخلص الا بنار وسوسة الشيطان لانه يطلع على بقايا صفات نفسه بما تكون الوسوسة من جنسه فيزيد فى الرياضة ومجاهدة النفس وملازمة الذكر فبها تنقص وتنمحى بقية صفات النفس ويزداد نور الايمان وقوة التوكل وقربة الحق وقبوله وفى بعض الاخبار ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (ان إبليس قال يا رب قلت فى كتابك ان عبادى ليس لك عليهم سلطان فمن هم فقال تعالى من كان نور وجهه من عرشى وطينه من طين ابراهيم ومحمد عليهما السلام وقلبه خزينتى قال إبليس فمن هم فقال تعالى من كان نادما على ذنبه وخائفا من خاتمته فنور وجهه من نور عرشى ومن كان يطعم الطعام ويرحم العباد فطينه من طينهما ومن كان راضيا بحكمي مسارعا الى ابتغاء مرضاتى فقلبه خزينتى) وفى الخبر (إذا لعن المؤمن