للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يضره التصرف فى الدنيا وارتكاب بعض المنهيات بل ينفعه فى نفى الرياء والعجب كما هو طريقة اهل الملامة قال بعض ارباب الحقيقة يجوز ان تظهر لنفسك ما يوجب نفى دعواها من مباح مستبشع او مكروه لم يمنع دواء لعلة العجب لا محرما متفقا عليه انتهى فليكن هذا على ذكر منك فان صوفية الزمان قد تجاوزوا الحلال الى الحرام وتركبوا العهود بينهم وبين المشايخ الكرام ولم يعرفوا ان السلامة فى الاخذ بالكتاب وسنة النبي عليه السلام والتأدب بآداب وضعها الخواص من الأنام لمن يطلب الدخول الى حرم اسرار الله الملك العلام: قال الحافظ

در راه عشق وسوسه أهرمن بسيست ... هش دار وكوش دل بپيام سروش كن

إِذْ منصوب باذكر يَقُولُ الْمُنافِقُونَ من اهل المدينة من الأوس والخزرج وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ من قريش كانوا قد اسلموا ولم يهاجروا لعدم قوة إسلامهم ولمنع اقربائهم إياهم من الهجرة فلما خرجت قريش الى بدر أخرجوهم معهم كرها ولما رأوا قلة عدد المسلمين ارتابوا وارتدوا وقالوا لاهل مكة غَرَّ هؤُلاءِ يعنون المؤمنين دِينُهُمْ إذ خرجوا مع قلة عددهم وعددهم لحرب قريش مع كثرتهم وشوكتهم ولم يشكوا بل قطعوا بان قريشا تغلبهم لانهم زهاء الالف والمؤمنون ثلاثمائة وبضعة عشر فقال الله تعالى جوابا لهم وَمَنْ [هر كه] يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ اى ومن يسلم امره الى الله تعالى ويثق به وبقضائه فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غالب لا يذل من توكل عليه واستجار به وان قل حَكِيمٌ يفعل بحكمته البالغة ما تستبعده العقول وتحار فى فهمه الباب الفحول- روى- ان الحجاج بن يوسف سمع ملبيا يلبى حول البيت رافعا صوته بالتلبية وكان إذ ذاك بمكة فقال على بالرجل فاتى به اليه فقال ممن الرجل قال من المسلمين فقال ليس عن الإسلام سألتك قال نعم سألت قال سألتك عن البلد قال من اهل اليمن قال كيف تركت محمد بن يوسف يعنى أخاه قال تركته عظيما جسيما لباسا ركابا خراجا ولاجا قال ليس عن هذا سألتك قال فعم سألت قال سألتك عن سيرته قال تركته ظلمو ما غشوما مطيعا للمخلوق عاصيا للخالق فقال له الحجاج ما حملك على هذا الكلام وأنت تعلم مكانه منى قال الرجل أترى مكانه منك أعز منى بمكاني من الله وانا وافد بيته وزائر نبيه وقاضى دينه ومتبع دينه فسكت الحجاج ولم يجر جوابا وانصرف الرجل من غير اذن فتعلق بأستار الكعبة وقال اللهم بك أعوذ وبك الوذ اللهم فرجك القريب ومعروفك القديم وعادتك الحسنة فانظر الى هذا الرجل كيف اظهر الحق ولم يخف من المخلوق خصوصا من الحجاج الذي كان اظلم خلق الله فى زمانه حتى كسر الاعراض وسفك الدماء وفعل ما فعل الى حيث يضيق نطاق البيان عنه فلما توكل على الله واستجار به نصره الله وهو بانفراده على الحجاج وهو مع جمعه لان الصحيح السالم وهو المؤمن غالب على السقيم المبتلى وهو المنافق والحجاج كان من منافق هذه الامة واعلم ان مرض القلوب على نوعين. نوع منه الشك فى الايمان والدين وحقيقته فذلك مرض قلوب الكفار والمنافقين. والثاني ميلها الى الدنيا وشهواتها وملاحظة الحظوظ النفسانية وهو مرض قلوب المسلمين والاشارة فيه ان المعالجة لما يكون فى قلوب الكفار والمنافقين بالايمان والتصديق واليقين وان ماتوا فى مرضهم فهم من الهالكين. ومعالجة

<<  <  ج: ص:  >  >>