قيل إذا صحت هذه الرواية فالجواب ان الله خلق إبليس فى صورة سراقة والله تعالى قادر على خلق انسان فى مثل صورة سراقة ابتداء فكان قادرا على ان يصور إبليس فى مثل صورة سراقة كما فى التفسير الحدادي وقال القاضي ابو يعلى ولا قدرة للشياطين على تغيير خلقهم والانتقال فى الصور وانما يجوز ان يعلمهم الله تعالى كلمات وضربا من ضروب الافعال إذا فعله او تكلم بها نقله الله تعالى من صورة الى صورة فيقال انه قادر على التصوير والتخييل على معنى انه
قادر على قول إذا قاله او فعل إذا فعله نقله الله تعالى من صورته الى صورة اخرى بجرى العادة واما ان يصور نفسه فذاك محال لان انتقالها من صورة الى صورة انما يكون بنقض البنية وتفريق الاجزاء وإذا انتقضت بطلت الحياة واستحال وقوع الفعل بالجملة فكيف بنقل نفسها قال والقول فى تشكيل الملائكة مثل ذلك والذي روى ان إبليس تصور فى صورة سراقة بن مالك وان جبريل تمثل فى صورة دحية وقوله تعالى فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا
محمول على ما ذكرنا وهو انه قدره الله تعالى على قول قاله فنقله الله تعالى من صورته الى صورة اخرى كذا فى آكام المرجان ونظر فيه والهى الاسكوبى بان من قال تمثل جبريل عليه السلام وتصور إبليس عليه ما يستحق ليس مراده انهما أحدثا تلك الصورة والمثال من قدرتهما نفسهما بل باقدار الله لهما على التصور والتمثل كيف شاءا فلا منافاة بين القولين غاية ما فى الباب ان العمل من طريق ما اقدره الله به من الأسباب المخصوصة انتهى يقول الفقير ان الملائكة والشياطين من قبيل الأرواح اللطيفة وللارواح التصور بانواع الصور كما ان للاجسام التلون بألوان الالبسة وكل ذلك باقدار الله تعالى فى الحقيقة لكن هذا المعنى صعب المسلك فلا يهتدى الى دركه الا الأنبياء والأولياء المكاشفون عن حقيقة الأمر والله اعلم ثم ان من عادة الشيطان ان يقحم من أطاعه ورطة الهلاك ثم يتبرأ منه- حكى- ان عابدا عبد الله فى صومعته دهرا طويلا فولدت لملكهم ابنة فانف الملك ان يمسها الرجال فاخرجها الى صومعته وأسكنها معه كيلا يعرف أحد مكانها ويستخطبها منه فكبرت الابنة فحضر إبليس على صورة شيخ وخدعه بها حتى واقعها الزاهد وأحبلها فلما ظهر بها الحبل رجع اليه فقال له انك زاهدنا وانها لو ولدت يظهر زناك فتصير فضيحة فاقتلها قبل الولادة واعلم والدها انها قد ماتت فيصدقك فتنجو من العذاب والشين فقتلها الزاهد فجاء الشيطان الى الملك فى زىّ العلماء فاخبره بصنع الزاهد بابنته من الاحبال والقتل وقال ان أردت ان تعرف حقيقة ما أخبرتك فانبش قبرها وشق بطنها فان خرج منها ولد فهو مصداق مقالتى وان لم يخرج فاقتلنى ففعل الملك ذلك فاذا الأمر كما قال فاخذ الزاهد واركبه الإبل وحمله الى بلده فصلبه فجاءه الشيطان وهو مصلوب فقال له انك زنيت بامرى وقتلت نفسا بامرى فآمن بي انجك من عذاب الملك فادركته الشقاوة فآمن به فهرب الشيطان منه ووقف من بعيد فقال الزاهد نجنى فقال الشيطان انى أخاف الله رب العالمين فعلى العاقل الحذر من كيده وفى المثنوى
آدمي را دشمن پنهان بسيست ... آدمىء با حذر عاقل كسيست
واعلم ان الشيطان إذا ظفر بالسالك يغره بالقوة والكمال والبلوغ الى مرتبة الرجال وانه