أسلفناه لَوْ نَشاءُ لو للمضى وان دخل على المضارع ولذا لا يجزمه فهو شرط غير جازم اى لو أردنا لَجَعَلْناهُ اى الزرع بمعنى المزروع حُطاماً الحطم كسر الشيء مثل الهشم ونحوه ثم استعمل لكل كسر متناه والمعنى هشيما اى يابسا متكسرا متفتتا بعد ما انبتناه وصار بحيث طمعتم في حيازة غلاله وجمعها فَظَلْتُمْ اى فصرتم بسبب ذلك تَفَكَّهُونَ تتعجبون من سوء حاله اثر ما شاهدتموه على أحسن ما يكون من الحال او تندمون على فعلتم فيه من الاجتهاد وأنفقتم عليه او تندمون على ما أصبتم لاجله من المعاصي فتتحدثون فيه والتفكه التنقل بصنوف الفاكهة وقد استعير للتنقل بالحديث وقرئ تفكنون بالنون والتفكن التعجب والتفكر والتندم ومنه الحديث مثل العالم كمثل الحمة يأتيها البعداء ويتركها القرباء فبيناهم إذ غار ماؤها فانتفع بها قوم يتفكنون اى يتندمون والحمة العين الحارة من الحميم وهو الماء الحار يستشفى به الاعلاء والمرضى إِنَّا لَمُغْرَمُونَ حال من فاعل تفكهون اى قائلين انا لملزمون غرامة ما أنفقنا والغرامة ان يلزم الإنسان ما ليس في ذمته وعليه كما في المغرب او مهلكون بهلاك رزقنا او بشؤم معاصينا من الغرام وهو الهلاك بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ حرمنا رزقنا او محدودون لا مجدودون اى ممنوعون من الحد وهو المنع لاحظ لنا ولا جد ولا بخت ولو كنا مجدو دين لما فسد علينا هذا (روى) عن انس ابن ابن مالك رضى الله عنه قال مر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأرض الأنصار فقال ما يمنعكم من الحرث قالوا الجدوبة قال أفلا تفعلون فان الله تعالى يقول أنا الزارع ان شئت زرعت بالماء وان شئت زرعت بالريح وان شئت زرعت بالبذر ثم تلا رسول الله عليه السلام أفرأيتم ما تحرثون الآية ففى الحديث اشارة الى ان الله تعالى هو الذي يعطى ويمنع بأسباب وبغيرها فالتوحيد هو أن يعتقد أن التأثير من الله تعالى لا من غيره كالكوكب ونحوه فانه يتهم النفس بالمعصية القاطعة للرزق وفي الحديث ما سنة بأمطر من اخرى ولكن إذا عمل قوم بالمعاصي حول الله ذلك الى غيرهم فاذا عصوا جميعا صرف الله ذلك الى الفيافي والبحار وفي الحديث (دم على الطهارة يوسع عليك الرزق) فاذا كان تودسيع الرزق في الطهارة فتضييقه في خلافها والرزق ظاهر وباطن وكذا الطهارة والنجاسة فلا بد لطالب الرزق مطلقا أن يكون على طهارة مطلقة دائما فان قلت فما حال اكثر السلف فانهم كانوا فقراء مع دوام الطهارة قلت كان السلف في الرزق المعنوي اكثر من الخلف وهو المقصود الأصلي من الرزق وانما كانوا فقراء في الظاهر لكمال افتقارهم الحقيقي كما قال عليه السلام اللهم أغننى بالافتقار إليك فمنعوا عنى الغنى الصوري تطبيقا لكل من الظاهر والباطن بالآخر فهم اغنى الأغنياء في صورة الفقراء وما عداهم ممن ليس على صفتهم أفقر الفقراء في صورة الأغنياء فالمرزوق من رزق عذاء الروح من الواردات والعلوم والفيوض والمحروم من حرمه فاعرفه (وفي المثنوى)
فهم نان كردن نه حكمت اى رهى ... زانكه حق كفت كلوا من رزقه
رزق حق حكمت بود در مرتبت ... كان كلو كيرت نباشد عاقبت
آن دهان بستى دهانى باز شد ... كه خورنده لقمهاى راز شد