للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتيت باعمال قباح رديئة ... وما فى الورى خلق جنى كجنايتى

فكان يكرر هذه الأبيات حتى سقط على الأرض مغشيا عليه فدنوت منه فاذا هو زين العابدين على بن الحسين بن على بن ابى طالب فوضعت رأسه فى حجرى وبكيت لبكائه بكاء شديدا شفقة عليه فقطر من دموعى على وجهه فافاق من غشيته وفتح عينه وقال من الذي شغلنى عن ذكر مولاى فقلت انا الأصمعي يا سيدى ما هذا البكاء وما هذا الجزع وأنت من اهل بيت النبوة ومعدن الرسالة أليس الله يقول (إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال فاستوى جالسا وقال يا أصمعي هيهات ان الله تعالى خلق الجنة لمن أطاعه وان كان عبدا حبشيا وخلق النار لمن عصاه وان كان ملكا قرشيا اما سمت قوله تعالى (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) وفى التأويلات النجمية يشير الى ان نفحة العناية الربوبية إذا نفخت فى صور القلب قامت القيامة وانقطعت الأسباب فلا يلتفت أحد الى أحد من أنسابه لا الى اهل ولا الى ولد لاشتغاله بطلب الحق تعالى واستغراقه فى بحر المحبة فلا يسأل بعضهم بعضا عما تركوا من اسباب الدنيا ولا عن احوال أهاليهم وأخدانهم وأوطانهم وإذا فارقوها كان لكل امرئ منهم يومئذ شأن فى طلب الحق يغنيه عن مطالبة الغير فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ موزونات حسناته من العقائد والأعمال اى فمن كان له عقائد صحيحة واعمال صالحة يكون لها وزن وقدر عند الله فهو جمع موزون بمعنى العمل الذي له وزن وخطر عند الله وباقى الكلام فى هذا المقام سبق فى تفسير سورة الأعراف فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بكل مطلوب الناجون من كل مهروب ولما كان حرف من يصلح للواحد والجمع وحد على اللفظ وجمع على المعنى وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ اى ومن لم يكن له من العقائد والأعمال ماله وزن وقدر عند الله تعالى وهم الكفار لقوله تعالى (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ضيعوها بتضييع زمان استكمالها وأبطلوا استعدادها لنيل كمالها والخسر والخسران انتقاص رأس المال كما فى المفردات قال الكاشفى [پس كروه آنند كه زيان كرده اند از نفسهاى يعنى سرمايه عمر بباد غفلت برداند واستعدادات حصول كمال را بطلب آرزوهاى نفس ومتابعت شهوات ضايع ساختند] فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ بدل من صلة او خبر ثان لاولئك قال فى التأويلات النجمية الإنسان كالبيضة المستعدة لقبول تصرف ولاية الدجاجة وخروج الفروخ منها فما لم تتصرف فيها الدجاجة يكون استعدادها باقيا فاذا تصرف الدجاجة فيها فتغيرت عن حالها الى حال الفروخية ثم انقطع تصرف الدجاجة عنها تفسد البيضة فلا ينفعها التصرف بعد ذلك لفساد الاستعداد ولهذا قالوا مرتد الطريقة شر من مرتد الشريعة وهذا معنى قوله (فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ) اى فى جهنم أنفسهم فلا يخرجون بالفروخية وليس من سنة الله إصلاح الاستعداد بعد إفساده: قال الجامى

آنرا كه زمين كشد درون چون قارون ... نى موسيش آورد برون هارون

فاسد شده راز روزكار وارون ... لا يمكن ان يصلحه العطارون

تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ تحرقها يقال لفحته النار بحرها أحرقته كما فى القاموس واللفح

<<  <  ج: ص:  >  >>