للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلكه اواقعه فى الخسران اى غير إهلاك وتخسير فانهم انما هلكوا وخسروا بسبب عبادتهم لها وكانوا يعتقدون فى الأصنام جلب المنافع ودفع المضار فزال عنهم بسبب ذلك الاعتقاد منافع الدنيا والآخرة وجلب ذلك إليهم مضار الدنيا والآخرة وذلك من أعظم الهلاك وأشد الخسران وَكَذلِكَ الكاف فى محل الرفع على انها خبر مقدم للمصدر المذكور بعده اى مثل ذلك الاخذ الذي مر بيانه أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى اى أهلها وانما أسند إليها للاشعار بسريان اثره إليها وَهِيَ ظالِمَةٌ حال من القرى وهى فى الحقيقة لاهلها لكنها لما أقيمت مقامهم فى الاخذ أجريت الحال عليها وفائدتها الاشعار بانهم أخذوا بظلمهم وكفرهم ليكون ذلك عبرة لكل ظالم إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ

اى عقوبة مؤلمة شديدة صعبة على المأخوذ والمعاقب لا يرجى منها الخلاص وعن ابى موسى رضى الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الله ليملى للظالم حتى إذا اخذه لم يفلته ثم قرأ وكذلك أخذ ربك) الآية

كسى كر صرصر ظلمش دمادم ... چراغ عيش مظلومان بميرد

نميترسد از ان كايزد تعالى ... اگر چهـ دير گيرد سخت گيرد

والله تعالى لا يجير الظالم ولكن يمهله ويكله الى نفسه فمن امارية نفسه يظلم على نفسه وعلى نفس غيره فيؤاخذه الله تعالى بظلمه عدلا منه ولكنه إذا نظر بفضله ورحمته الى عبد بنظر العناية يزيل بنور العناية ظلمات امارية نفسه فتصير نفسه مأمورة لامر الشريعة فلا يعمل الا للنجاة من عذاب الآخرة ونيل الدرجات والقربات فعلى كل من أذنب ان يحذر أخذ ربه فيبادر الى التوبة ويترك التسويف فانه ورد (هلك المسوفون)

قبول توبه بر رب كريمست ... فعجل ان فى التأخير آفات

إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما نزل بالأمم الهالكة بذنوبهم او فيما قصه الله من قصصهم لَآيَةً لعبرة بينة وموعظة بالغة لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ اى أقربه وآمن لانه يعتبر به حيث يستدل بما حاق بهم من العذاب الشديد بسبب ما عملوا من السيئات على احوال عذاب الآخرة واما من أنكر الآخرة وأحال فناء العالم ولم يقل بالفاعل المختار وجعل تلك الوقائع لاسباب فلكية اتفقت فى تلك الأيام لا لذنوب المهلكين فهو بمعزل من هذا الاعتبار تبالهم ولما لهم من الافكار: قال الحافظ

سير سپهر ودور قمر را چهـ اختيار ... در گردشند بر حسب اختيار دوست

ذلِكَ اشارة الى يوم القيامة المدلول عليه بذكر الآخرة يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ اى يجمع له الأولون والآخرون للمحاسبة والجزاء واستعمال اسم المفعول حقيقة فيما تحقق فيه وقوع الوصف وقد استعمل هاهنا فيما لم يتحقق مجازا تنبيها على تحقق وقوعه وَذلِكَ اى يوم القيامة مع ملاحظة عنوان جمع الناس له يَوْمٌ مَشْهُودٌ اى مشهود فيه حيث يشهد فيه اهل السموات والأرضين للموقف لا يغيب عنه أحد فالمشهود هو الموقف والشاهدون اى الحاضرون الخلائق والمشهود فيه اليوم فاتسع فيه اجراء للظرف مجرى المفعول به واليوم

<<  <  ج: ص:  >  >>