للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ اى غير ما هم مستمرون عليه من اعتقاد وعمل وهو الدين القيم نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى اى نجعله واليا لما تولاه من الضلال ونخذله بان نخلى بينه وبين ما اختار وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ اى ندخله فيها وَساءَتْ مَصِيراً اى جهنم- روى- ان طعمة عاند حكم الله وخالف رسول الله خوفا من فضاحة قطع اليد فهرب الى مكة واتبع دين أهلها ومات كافرا فعلى العاقل ان لا يخالف الجماعة وهم المؤمنون فان الشاة الخارجة عن القطيع يأكلها الذئب وسبيل المؤمنين هو السبيل الحق الموصل الى الجنة والقربة والوصلة واللقاء. والاشارة انه لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ اى الذين يتناجون من النفس والشيطان والهوى لانهم شرار ولا فيما يتناجون به لانهم يأمرون بالسوء والفحشاء والمنكر ثم استثنى وقال إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ اى الا فيمن امر بهذه الخيرات فان فيه الخير وهو الله تعالى فانه يأمر بالخيرات بالوحى عموما او يأمر بالخاطر الرحمانى والإلهام الرباني خواص عباده فالخاطر يكون بواسطة الملك وبغير الواسطة كما قال عليه السلام (ان للملك لمة وان للشيطان لمة فلمة الملك إيعاد بالخير ولمة الشيطان إيعاد بالشر) والإلهام ما يكون من الله تعالى بغير الواسطة وهو على ضربين. ضرب منه مالا شعور به للعبد انه من الله. وضرب منه ما يكون باشارة صريحة يعلم العبد انه آت من الله تعالى لتعليم نور الإلهام وتعريفه لا يحتاج الى معرفة آخر انه من الله تعالى وهذا يكون للولى وغير الولي كما قال بعض المشايخ حدثنى قلبى عن ربى وقال عليه السلام (ان الحق لينطق على لسان عمر) وقال (كادت فراسته ان تسبق الوحى) ثم قال وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ

اى ومن يفعل بما ألهمه الله طلبا لمرضاته فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ذكر بفاء التعقيب قوله فسوف يعنى عقيب الفعل نؤتيه اجرا وهو جذبة العناية التي تجذبه عنه وتوصله الى العظيم ثم قال وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ اى يخالف الإلهام الرباني الذي هو رسول الحق اليه مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى بتعريف الإلهام ونوره وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ الموقنين بالإلهام بان يتبع الهوى وتسويل النفس وسبيل الشيطان نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى اى نكله بالخذلان الى ما تولى وَنُصْلِهِ بسلاسل معاملاته التي تولى بها الى جَهَنَّمَ سفليات الصفات البهيمية والسبعية والشيطانية وَساءَتْ مَصِيراً اى ما صار اليه من عبادة الهوى واتباع النفس والشيطان واشراكهم بالله فى المطاوعة كذا فى التأويلات النجمية إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ يقال جاء شيخ الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال انى شيخ منهمك فى الذنوب الا انى لم أشرك بالله شيأ منذ عرفته وآمنت به ولم اتخذ من دونه وليا ولم أوقع المعاصي جراءة وما توقعت طرفة عين انى أعجز الله هربا وانى لنادم تائب فما ترى حالتى عند الله فنزلت هذه الآية. فالشرك غير مغفور الا بالتوبة عنه وما سواه مغفور سواء حصلت التوبة او لم تحصل لكن لا لكل أحد بل لمن يشاء الله مغفرته وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً عن الحق فان الشرك أعظم انواع الضلالة وأبعدها عن الصواب والاستقامة.

قال الحدادي اى فقد ذهب عن الصواب والهدى ذهابا بعيدا وحرم الخير كله. والفائدة

<<  <  ج: ص:  >  >>