بملابس الجسمانية اللطيفة فاللام لاستغراق الجنس واما المراد بالعالين فى قوله تعالى أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ الملائكة المهيمون الذين بقوا فى عالم الأرواح واستغرقوا فى نور شهود الحق وليس لهم شعور بنفوسهم فضلا عن آدم وغيره وهم خير من هذا النوع الإنساني فى شرف الحال لا فى الجمعية والكمال والإنسان فوق الملائكة الارضية والسماوية فى رتبة الفضيلة والكمال بل فى شرف الحال ايضا لانهم كلهم عنصريون مخلوقون بيد واحدة فليس لهم شرف حاله ولا رتبة كماله: قال الحافظ
إِنِّي خالِقٌ فيما سيأتى البتة كما يدل عليه التعبير باسم الفاعل الدال على التحقق بَشَراً قال فى القاموس البشر محركة الإنسان ذكرا او أنثى واحدا او جمعا وقد يثنى ويجمع ابشارا وظاهر جلد الإنسان مِنْ صَلْصالٍ متعلق بخالق او صفة لبشرا اى بشرا كائنا من صلصال كائن مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ تقدم تفسيره شاورهم الله تعالى بصورة الامتحان ليميز الطيب اى الملك من الخبيث اى إبليس فسلم الملك وهلك إبليس ولذلك قيل عند الامتحان يكرم الرجل أو يهان وقيل أخبرهم سبحانه بتكوين آدم قبل ان يخلقه ليوطنوا أنفسهم على فناء الدنيا وزوال ملكوتها كما قال تعالى لآدم اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ والسكنى لا تكون الأعلى وجه العارية ليوطن نفسه على الخروج من الجنة: قال الصائب
مهياى فنا را از علائق نيست پروايى ... نينديشد ز خاك آنكس كه دامن در كمر دارد
وانما خلق الله آدم بعد جميع المخلوقات ليكون خاتم المخلوقات كسيد المرسلين خاتم الأنبياء فظهر فيه شرف الختم فهو بمنزلة خاتم الملك على باب الكنز الخاص فَإِذا سَوَّيْتُهُ اى صورته بالصورة الانسانية والخلقة البشرية وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي النفخ اجراء الريح الى تجويف جسم صالح لا مساكها والامتلاء بها وهو كناية عن إيجاد الحياة ولا نفخ ثمة ولا منفوخ بل ليس عند الحقيقة الإلقاء الموجد اسم فاعل بالموجد اسم مفعول وسريان هويته اليه وظهور صفته وفعله فيه قال الشيخ عز الدين النفخ عبارة عما أشعل نور الروح فى المحل القابل فالنفخ سبب الاشعال وصورة النفخ فى حق الله تعالى محال والمسبب غير محال فعبر عن نتيجة النفخ بالنفخ وهو الاشعال واما السبب الذي اشتعل به نور الروح فهو صفة فى الفاعل وصفة فى المحل القابل اما صفة الفاعل فالجود الذي هو ينبوع الوجود وهو فياض بذاته على كل موجود حقيقة وجوده ويعبر عن تلك الصفة بالقدرة ومثالها فيضان نور الشمس على كل قابل الاستنارة عند ارتفاع الحجاب بينهما والقابل هو الملونات دون الهواء الذي لا تلون له واما صفة المحل القابل فالاستواء والاعتدال الحاصل فى التسوية كما قال تعالى فَإِذا سَوَّيْتُهُ ومثال صفة القابل صقالة المرآة فان المرآة قبل صقالتها لا تقبل الصورة وان كانت محاذية لها فاذا صقلت حدثت صورة من ذى الصورة المحاذية لها فكذلك إذا حصل الاستواء فى النطفة حدث فيها الروح